العصيان واستحقاق العقاب.
ويرد على القولين أنّ ذلك من اجتماع الأمر والنهي الآمري المحال ، أما على القول الأول فواضح ، لأنّه بالأخرة يرجع إلى جواز اجتماع قوله اخرج ولا تخرج وهو كما ترى عين الاجتماع المحال.
ودعوى أنه يرجع إلى قوله اخرج ولا تغصب وهو غير أخرج ولا تخرج ، فإنّ المنهي عنه عنوان الغصب لا عنوان الخروج فلم يتّحد مورد الأمر والنهي. مدفوعة بأنّ اختلاف العنوان لا ينفع فيما هو مناط الاستحالة هاهنا وإنما ينفع إذا أوجب اختلاف العنوان تحقق المندوحة عن المنهي عنه بإيجاد المأمور به في فرد غير منهي عنه بناء على مذهب المجوّزين ، وأما على مذهب المانعين فلا ينفع مطلقا ، وما ذكره في دليل جواز الاجتماع من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، مدخول بأنّ ذلك إنما يصحح التكليف بالمحال ، وقد تقرّر في محلّه أن الاجتماع الآمري تكليف محال بالمحال ، فلو جاز التكليف بالمحال لما ذكر لم يجز أصل التكليف المحال.
وأما على القول الثاني فلأنّ اختلاف زمان الأمر والنهي مع كون المأمور به والمنهي عنه شيئا واحدا شخصيا واقعا في زمان واحد لا يوجب رفع الاستحالة المذكورة ، فكما لا يجوز اجتماع الأمر والنهي الفعليين متعلقا بالخروج فيما بعد الدخول ، كذلك لا يجوز اجتماع الأمر بالخروج بعد الدخول والنهي عن هذا الخروج بعينه قبل الدخول ، فإنّ المناط فيهما وهو استحالة إرادة وجود الشيء وعدمه واحد.
الثالث : ما أسند إلى جمع من أنه مأمور بالخروج وليس منهيا عنه أصلا لا سابقا ولا لاحقا ، ووجه عدم النهي أنه لا شكّ ولا ريب أنه مأمور بالخروج