بحكم العقل والشرع لا مجال لإنكاره ، ولا يجوز تحقق النهي عن هذا الخروج مع فرض الأمر به لأنّه موجب للاجتماع المحال ، وما يقال من أنه قبل الدخول كان جميع أنحاء الغصب ومنها الخروج منهيا عنه ، جوابه المنع فإنّ الخروج فرع تحقق الدخول ، فإن تعلّق به نهي يرجع ذلك إلى أن يقول له إن دخلت فلا تخرج ، ونمنع صحة هذا النهي وتحققه فتأمل ، وهذا القول أقرب من سابقيه.
وهنا وجه رابع أقرب من الكل بل هو المتعين وهو أن يقال إنه منهي عن الخروج وليس بمأمور به أصلا ، لكن يتعيّن عليه الخروج من باب ارتكاب أقلّ القبيحين ، فإنّ من اضطرّ إلى ارتكاب أحد القبيحين ولو كان ذلك بسوء اختياره فإن العقل يرشده إلى اختيار أقلّهما قبحا لأن ضرره أو فساده أقلّ من الآخر ، فما يختاره قبيح مشتمل على التخلص عن الأقبح ، فيجب اختياره بالوجوب الإرشادي ، ولا يوجب ذلك أن يكون مأمورا به في نفسه حتى يلزم منه المحذور.
إذا تمهّد ذلك فنقول : بناء على القول الأول لو صلّى في حال الخروج فسدت صلاته بناء على مذهب المانعين ، لأنّه منهي عن الصلاة باعتبار كونها غصبا منهيا عنه.
ودعوى أنّ المانع إنما منع عن الاجتماع في غير هذه المسألة وقد اختار جواز الاجتماع هنا كما هو المفروض ، مدفوعة بأنه إنّما جوّز اجتماع النهي عن الخروج مع الأمر بالخروج لما ذكره ولم يجوّز اجتماع النهي عن الخروج مع الأمر بالصلاة فإنّ دليله لا يقتضي ذلك ، وهكذا يحكم بفساد الصلاة على القول الثاني والرابع لمكان النهي وإن كان نهيا سابقا كما هو مقتضى القول الثاني ، وأما على القول الثالث فلا مانع عن صحة الصلاة لعدم النهي بالفرض ولا مانع غيره ،