ولكن صاحب الفصول (١) قد ذكر في آخر المسألة في حكم صحة الصلاة وفسادها وجهين ثم اختار الصحة متمسكا بارتفاع الحرج عن التصرف حال الخروج ، وأجاب عن وجه الفساد بما لا يخلو عن النظر ، وفيه ما لا يخفى فراجع.
إذا تمهّد ذلك فنقول : إنّ ما ذكره في المتن من شهادة حكمهم ببطلان الصلاة في المغصوب جاهلا بالحكم على توجّه النهي إلى الغافل حين غفلته مدخول ، إما لما أشار إليه في المتن من أنّ مبغوضيتها الواقعية هو السبب في حكمهم بالفساد إلى آخر ما ذكره ، وإما لأنّ حكمهم بالفساد مبني على أنّ وجود النهي الواقعي غير المتوجّه فعلا إلى المكلف لأجل الجهل يكفي في الحكم بالفساد على مذهب المانعين من جواز الاجتماع كما حققناه وشيّدناه ، وهو الظاهر من كلامهم حيث علّلوا البطلان بأنّ الجاهل كالعامد وأنّ التحريم لا يتوقّف على العلم به كما ذكره في المتن ، هذا.
ثم إنّه قد عرفت مما ذكرنا أنه لا فرق بين الجاهل بالحكم والموضوع وناسيهما ، فلو حكم ببطلان صلاة جاهل الحكم على قول المانعين لزم الحكم بالبطلان في الجميع لمكان النهي الواقعي في الكل ، إلّا أنّ من فرّق بين الجاهل بالحكم والموضوع وحكم بصحة صلاة الثاني لعله ناظر إلى كون العلم جزءا للموضوع ، وأنّ المنهي عنه هو الغصب المعلوم ، فلا نهي حال الجهل بالموضوع فلا مقتضي للفساد ، أو إلى أنّ النهي إنما يقتضي الفساد لو لم يكن ما يأتي به المكلف مرخوصا فيه من الشارع ، ولمّا رخص الشارع ترك الفحص في الموضوعات كان جهل المكلف عذرا له يقتضي صحة صلاته وعدم ما يقتضي
__________________
(١) الفصول الغروية : ١٣٩.