غيري بالفرض لعدم وجوب ذلك الغير بعد حتى يجب بوجوبه ـ أنّ هذا لو صحّ لا ينحصر صحّته على البناء على الوجه الأول حتى يكون مؤيدا له بل يصحّ على الوجهين الأخيرين أيضا بأن يقال إنه يستحق العقاب على مخالفة الخطاب الواقعي غير المشروط بالعلم لبطلان التصويب وإن لم يكن متوجها بالفعل ومنجّزا عليه مستندا إلى تقصيره السابق المؤدي إلى الغفلة الموجبة لعدم صحة توجيه الخطاب في وقته.
لا يقال : إنّ هذا الكلام لا يجري على الوجه الثالث قطعا وإن سلّمنا جريانه على الوجه الثاني ، نظرا إلى أنّ زمان الاستحقاق هو زمان تحقق الخطاب الواقعي وإن لم يكن فعليا ، لأنّ القول بتحقق استحقاق العقاب على مخالفة الواقع الذي لم يخاطب به بعد واقعا عند ترك التعلّم شطط من الكلام.
لأنا نقول : لو صح الوجه الأخير وهو القول باستحقاق العقاب قبل حصول المخالفة مستندا إلى أنّه لا وجه لترقب حضور زمان المخالفة لصيرورة الفعل مستحيل الوقوع لأجل ترك المقدمة وإلى حسن مؤاخذة من رمى سهما لا يصيب زيدا ولا يقتله إلّا بعد مدّة بمجرّد الرمي ، صحّ القول باستحقاق العقاب قبل مجيء الخطاب وحصول المخالفة عند ترك ما يوجب صيرورة الفعل مستحيل الوقوع مستندا إلى الوجه المذكور بعينه ، والجامع أنه قد قصّر وأتى بما يكون سببا لترك الواجب في وقته عند ترك المقدمة في الموضعين ، والحاصل أنّ ترك التعلّم للواجبات الموقّتة قبل وقتها الموجب لفوات الواجب في وقته إما أن يجعل تقصيرا من المكلف بحيث لا يعذر فيه فيجري الوجوه الثلاثة من غير فرق بينها ، وإما أن لا يجعل ذلك تقصيرا فلا يجري واحد من الوجوه الثلاثة بل يقبح العقاب على ترك الواقع مطلقا ، فإذن لم يبق وجه لتأييد نسبة الوجه الأول إلى المشهور بتحقق استحقاق العقاب على الواجبات المشروطة في الصورة