الغيري هاهنا كون تركه موجبا لعدم قبح العقاب على مخالفة الواجب الواقعي عند وجوبه في وقته ، وفي الحقيقة يرجع هذا إلى حكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون أو المحتمل ، وسرّ الفرق بينه وبين القسم الأول أنّ مصلحة المأمور به في القسم الأول مقيدة بمحلّ الشرط ، فإنّ وجوب الصوم لا مصلحة فيه في السفر بل فيه مفسدة أوجبت الحرمة ، فإدخال النفس في موضوع المسافر لم يوجب تفويت مصلحة واقعية ، وهذا بخلاف القسم الثاني فإنّ مصلحة الصلاة أو إنقاذ الغريق من باب حفظ النفس المحترمة مطلقة ، إلّا أنّ المكلف لو عجز عن تحصيلها يقبح تكليفه فلا يطلب منه إحرازها فتفوت المصلحة عن ضرورة وإلجاء ، وإذا كان كذلك فلو تسبب المكلف لتعجيز نفسه عن إدراك تلك المصلحة ولو قبل حصول شرط وجوبه عن اختيار ، يحكم العقل بحسن عقابه على فوات الواقع منه.
والحاصل أنّ محل الإشكال يحتمل وجوها ، الأول : أن يحكم باستحقاق العقاب على تفويت الواجب المشروط قبل شرطه مطلقا ، ووجهه ما أشرنا إليه آنفا وهو الأوجه.
الثاني : عدم الاستحقاق مطلقا ووجهه ما ذكره في المتن في أول الكلام.
الثالث : الفرق بين ما علم اهتمام الشارع بشأنه كالصلاة ونحوها وبين غيره فلا يجوز التعجيز في الأول دون الثاني.
الرابع : الفرق بين ما إذا كان غرضه من تعجيز نفسه الاحتيال للفرار عن التكليف وبين غيره فيعاقب في الأول دون الثاني ، هذا كلّه إذا لم نقل برجوع الواجبات المشروطة والموقّتة إلى الواجب المطلق المعلّق كما احتمله الماتن على ما حكي عنه ، وإلّا فالأمر أوضح فإنّ المكلف بناء على هذا الاحتمال إذا