بلغ يتعلّق به جميع التكاليف الإلهية التي يبتلي بها طول عمره بمجرّد البلوغ والعقل ، وليس الوقت شرطا للوجوب بل هو زمان للعمل ، فتعجيز النفس قبل الوقت حاله حال ما بعد الوقت يتحقق به المعصية باختيار سبب الفوات ، ولعل قوله فتأمل في آخر كلامه إشارة إلى بعض ما ذكرنا ، فتأمل.
قوله : فالمشهور فيها أنّ العبرة فيها بمطابقة الواقع ومخالفته ، سواء وقعت عن أحد الطريقين أعني الاجتهاد والتقليد ، إلخ (١).
ما ذكره من أنّ العبرة بمطابقة الواقع أو مخالفته حقّ إذا انكشف الواقع بطريق العلم سواء وقعت المعاملة عن اجتهاد أو تقليد أو عن جهل ، وكذا لو وقعت عن جهل ثم انكشف حالها بالظن الاجتهادي أو التقليد الصحيح ، وأما إذا وقعت المعاملة عن اجتهاد أو تقليد صحيح من حين وقوعه ثم تبدل رأي المجتهد أو عدل المقلّد إلى مجتهد يخالف رأيه لرأي من قلّده أوّلا في تلك المعاملة ، فالحق ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب من عدم نقض آثار المعاملة السابقة ، نعم لا بد من إيقاع مثل تلك المعاملة بعد التبدل على رأيه الثاني دون الأول ، والفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى وهي انكشاف الواقع بالقطع واضح ، لأنّ الأثر إنما يترتب على المعاملة الصحيحة الواقعية ، والأمارة الشرعية لو كانت إنما تعتبر بدلا عن الواقع ما دام مجهولا ، على أنّ مؤدّاها الواقع فلمّا علم عدم مصادفتها الواقع كشف عن أنّ مؤدّاها لم يكن حكما شرعيا بناء على كون اعتبارها من باب الطريقية على ما هو التحقيق ، وأما الفرق بينها وبين الصورة الثانية وهو ما لو وقعت المعاملة عن جهل ثم انكشف حالها بالظن الاجتهادي أو التقليد حيث قلنا فيها بترتيب أحكام تلك المعاملة على طبق الظن
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.