الاعتذار عند الله أن يأخذ الآن بما هو وظيفته من الاجتهاد أو التقليد ويلاحظ موافقته للعمل السابق ، وهذا هو الأقوى لما أشرنا إليه سابقا في نظير المسألة وهو أنّ العمل بفتوى المفتي إنما يكون مبرئا لذمة المكلف ويصح بها عمله ظاهرا ويحسن اعتذار المكلف بها لو خالفت الواقع بشرط الأخذ بها وبناء عمله عليها ، والمفروض أنّ العمل حين وقوعه لم يكن مبنيا عليها ، فلو أريد الحكم بصحّته الآن بموافقته لفتوى من مات أو فسق أو جنّ الآن مثلا لزم أن يكون قد قلّد الآن من لا يجوز تقليده فلا يؤمنه العقل في احتمال مخالفة الواقع بهذه الموافقة ، فيجب مراعاة موافقة العمل لما يأخذه الآن من اجتهاد أو تقليد يكون من وظيفته.
لا يقال : إنه كما لم يأخذ حين العمل بفتوى من كان يجب العمل بقوله كذلك لم يأخذ بفتوى المفتي اللاحق أو اجتهاده اللاحق فكيف يعذره العقل بمجرّد موافقة ذلك العمل لهذه الفتوى أو الاجتهاد مع مخالفة فتوى المفتي السابق.
لأنّا نقول : يكفي في الاعتذار الأخذ الفعلي الصحيح الحاكم بصحة العمل السابق فلا يستعقبه تبعة لو خالف الواقع لمكان صحة الأخذ الحالي فليتأمل فإنه لا يخلو عن دقة ، ومع ذلك كله ينبغي الاحتياط مهما أمكن في رعاية الفتوى السابقة واللاحقة معا ، هذا.
وهنا فروع ينبغي التنبيه عليها منها : أنه لو شك في كون أعماله السابقة مبنية على الاجتهاد أو التقليد الصحيح أم لا ، كما لو علم أنه ما قرأ السورة في صلاته وأوقع عقوده بالفارسية ونحو ذلك ولم يعلم أنّ ذلك منه كان مبنيا على اجتهاد أو تقليد أم لا ، وكما لو شك في أنه هل قرأ السورة أم لا أو عقد بالفارسية