منهما واتفق موافقة عمل المكلف لأحدهما ومخالفته للآخر فهل يعاقب عليه على هذا القول نظرا إلى مخالفته للطريق الشرعي أم لا نظرا إلى موافقته للطريق الشرعي؟ وجهان أوجههما الثاني ، مثلا لو كان في المسألة خبران متعارضان متكافئان وكان الحكم فيه التخيير بحسب مذهب المجتهد واتفق العمل موافقا لأحد الخبرين مخالفا للآخر ، وكذا لو وجب على المقلد تقليد أحد المجتهدين المتخالفين في الرأي تخييرا لتساويهما أو لعدم وجوب تقليد الأعلم واتفق عمله موافقا لرأي أحدهما مخالفا لرأي الآخر ، والظاهر المختار عدم العقاب في الصورة المفروضة بناء على هذا القول لأنّه يصدق أنه وافق الطريق الشرعي في عمله ، لأنّ موافقة الواجب المخير إنما تتحقق بموافقة أحد أطراف التخيير وهو هنا حاصل لا موافقة جميع الأطراف ، ونظير هذا يجري بناء على القول بأنّ العبرة مخالفة الواقع فقط وكان الحكم في الواقع التخيير بين شيئين واتفق عمل المكلف موافقا لأحد شقي التخيير فإنه يسقط به العقاب على القول.
قوله : أو يكفي مخالفة أحدهما فيعاقب في الصورتين (١).
ولازم هذا القول تعدد العقاب لو خالف الواقع والطريق معا كما إذا فرض أنّ الواجب الواقعي هو الظهر وكان الطريق الشرعي المجعول مؤديا إلى وجوب الجمعة ، والمكلف لم يأت بالظهر ولا بالجمعة فيعاقب حينئذ عقابين على الواقع والطريق ، نعم لو كان مخالفة أحدهما بموافقة الآخر لم يكن إلّا عقاب واحد ، ولعل القائل بهذا الوجه يلتزم بتعدد العقاب في الصورة المفروضة وهو مقتضى دليله أيضا لكنه بعيد.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٣٣.