قوله : والتزام أنّ غير الواجب مسقط عن الواجب (١).
بدعوى كون غير الواجب وهو الإتمام مشتملا على مصلحة الواجب وهو القصر في الجملة ولذا يحصل به القربة.
لا يقال : لو فرض أنّ الإتمام مشتمل على المصلحة المطلوبة لزم أن يكون مأمورا به في عرض صلاة القصر على نحو التخيير قضية لتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد النفس الأمرية ، ولا يكون معاقبا على ترك القصر بالمرة.
لأنّا نقول : نفرض أنّ الإتمام غير مشتمل على جميع مصالح المأمور به بل بعضها ، ولذا لم يتعلّق به الأمر لأنّ الغرض إدراك المصلحة التامة ، ولكن لمّا كان ما يدرك بالإتمام من مصلحة المأمور به ولو كان ناقصا بحيث لا يبقى معه مجال لإدراك المصلحة التامة سقط به المأمور به ، ويوضح ذلك ما يقال في نظيره في العرفيات من أنه لو فرض أنّ المولى أمر عبده بأن يسقيه ماء باردا فسقاه العبد ماء غير بارد وزال به عطش المولى ، فلا ريب في سقوط الأمر بذلك ولا يطلب منه في هذا الحال سقيه بالماء البارد ، وليس إلّا من جهة اشتمال ما أتى به على مصلحة المأمور به وهي رفع العطش ، مع أنه لم يكن مأمورا به بالفرض لعدم اشتماله على المصلحة التامة ، لكن بعد إدراك هذا المقدار من مصلحة المأمور به لا يمكن إدراك المصلحة التامة بوجه فلا جرم سقط المأمور به لذلك ، وكذا لو أمره بقتل عدوّه بالذبح من القفا مثلا فقتله بالذبح من المذبح أو بغير الذبح ، أو أمره بسدّ ثغرة السفينة بلوح الساج فسدّها بالخشب وسيّرها في البحر ولا يمكن نزع الخشب وتبديله بالساج وعلى هذا فقس ، ويحمل على هذا الوجه صحة صلاة من أخلّ بغير الأركان من الأجزاء والشرائط سهوا بناء على عدم
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٣٩.