النصاب الأول بوجه آخر أقرب وإن كان محلّ نظر أيضا ، وهو العلم بحصول الشركة في هذا المال فيجب تخليصه عن مال الشركاء الذين هم أرباب الزكاة حتى يجوز التصرف فيه ، فالمقام مقام استصحاب الشركة إلى العلم بزوالها ، ولا بأس بنقل عبارته بعينها قال : لكن قد يقال إنّ أصل البراءة لا يجري في حق الغير المعلوم ثبوته في المال في الجملة ، ولا أصل يشخّص كونه مقتضى النصاب الأول أو الثاني ، وتيقّن الخمسة دراهم مثلا باعتبار أنها فريضة المائتين ، وبعض فريضة المائتين والأربعين لا يقتضي تيقّن النصاب الأول الذي هو عبارة عن المائتين التي لم يتم معها أربعون ، ودعوى أنّ المائتين وأربعين نصابان والثمانين ثلاثة نصب ، وهكذا واضحة الضعف ، بل الظاهر أن المائتين وأربعين نصاب واحد كالمائتين ، فحينئذ مع العلم بحصول سبب شركة الفقير ولا أصل يشخّصه لا يجدي أصل براءة ذمة المالك من دفع الزائد في دفع تعرف مقدار الشركة ، بل عند التأمل ما نحن فيه كالمال الذي خلط أجنبي معه مال شخص آخر ويمكن علم المقدار فتأمل جيدا ، انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه : أنّ الشك في ثبوت الشركة في أزيد من القدر المعلوم ، فيستصحب ملكية المالك بالنسبة إلى المقدار الزائد عن المعلوم ، أما إذا كان جميع المال مسبوقا بملك المالك كما في الفضة المغشوشة فواضح ، وأما إذا كان المال مسبوقا بملكية الغير وانتقل إلى ملك المزكّي واحتمل عدم انتقال مقدار الزكاة إليه بل إلى أهل الزكاة كما في زكاة التجارة فيما إذا اشترى شيئا فيه الربح من حين الشراء فيحكم فيه أيضا بملكية المشترى ثم خروج مقدار الزكاة عن ملكه إلى ملك أرباب الزكاة وإلّا لم تصح المعاملة ، وكذا إذا حصل الربح بعد الشراء بارتفاع القيمة فإنّ قضية تبعية المنافع والنماءات للعين في الملك تقتضي ملكية