قوله : إلّا أنه قد ينافي هذا قوله «لا ضرار» بناء على أنّ معنى الضرار المجازاة على الضرر (١).
لا نسلّم المنافاة ، وذلك لأنّ مجازاة الضرر وكذا المضارّة إنما يصدق في مقابلة الضرر بالضرر مثل أنه لو أتلف شخص مالك فأنت تجازيه بإتلاف ماله ، وأما تداركه بالمثل أو القيمة على ما هو المتعارف فلا يسمى مضارّة ، فتدبّر.
قوله : ثم إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع العمومات الدالة بعمومها على تشريع الحكم الضرري (٢).
اعلم أنه لو كان أصل الحكم حكما ضرريا على الإطلاق كالخمس والزكاة والجهاد ونحوها فإنّه مخصّص لأخبار الضرر من غير إشكال ، وليس محلا للكلام في مزاحمة القاعدة لأدلة الأحكام وحكومتها عليها أو تخصيصها بها فإنه يكون أخص مطلقا من أخبار الضرار ، وكذا إذا كان دليل الحكم عاما للأفراد الضررية وغيرها ولكن ورد نصّ بالخصوص على أنّ الحكم ثابت في الأفراد الضررية أيضا فإنه أيضا مخصّص للقاعدة كما ورد وجوب شراء ماء الوضوء ولو بأضعاف قيمته ، ولا شكّ في كون مثله ضررا ، وأما إذا كان دليل الحكم بعمومه شاملا للأفراد الضررية وغيرها من غير نصّ على خصوص أفراده الضررية فإنّه محلّ البحث هنا.
نعم هنا كلام للمحقق القمي (رحمهالله) (٣) وهو أنّ المراد بالضرر المنفي هو الضرر الزائد على ما هو لازم لماهية التكليف ، فإنّ مطلق التكاليف مشتمل
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٦١.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٤٦٢.
(٣) القوانين ٢ : ٥٠.