وحكم العقل بقبح عقاب الناسي أيضا لا يجري فيه لأنّه يصدق أنه ترك عامدا والحال هذه فيصحّ عقابه. نعم لو تركها في أول الوقت اعتمادا على سعة الوقت حتى نسي أو طرأ عذر آخر يحكم العقل بقبح عقابه.
ودعوى أنّ الترك في الصورة الأولى أيضا مستند إلى العذر بالفعل بعد كون الترك في أول الوقت مرخّصا فيه وإن كان بانيا على الترك على تقدير عدم طريان العذر ، لكن لم يتحقق ذلك التقدير حتى يستند الترك إليه بإرادته وعزمه ، بل اتفق استناده إلى النسيان وقد رفع أثره ويحكم العقل بقبح عقاب المعذور في تركه.
مدفوعة بأنّ الواجب في مثل الفرض المذكور ليس بموسّع إلى آخر الوقت بل مضيّق في علم الله ، وآخر وقته زمان طريان العذر ، غاية الأمر عدم علم المكلّف بذلك فإن كان تأخيره إلى زمان العذر من غير بناء على العصيان كان عند العقل معذورا ، وأما لو كان بانيا على العصيان على ما هو المفروض فلا يعذره العقل بتركه في زمان القدرة على الفعل.
ومن هنا تعرف أنه لو نذر شيئا من الصلاة أو غيرها بالنذر المطلق وتركها حتى مات بغتة لكن كان بانيا على الترك حين تمكّنه فإنّه يحصل الحنث بذلك بالتقريب المذكور ، بخلاف ما لو لم يكن بانيا على الترك فإنّه مرخّص في تركه إلى زمان العلم بالموت أو الظن به ، فإن مات بدون العلم أو الظن ما كان متعمدا في الترك ولذا لا يترتّب عليه الحنث ولا العقاب ، وهكذا بالنسبة إلى طريان سائر الأعذار من غير الموت فتدبّر.