الأحكام في ذلك الزمان أيضا لمصلحة في تأخير بيانه إلى الأزمنة المتأخّرة بلسان الأئمة الباقين كما التزمنا بمثله في بعض المقامات. والحاصل أنّه لو صار المعنى الأول بملاحظة ما ذكرنا من الوجهين ظاهرا تم الاستدلال به للمقام وإلّا فظاهر الرواية في نفسها هو المعنى الثاني.
نعم ، يمكن الاستدلال بالرواية على المعنى الثاني أيضا للمطلوب في الجملة بأن يقال : لو شككنا في أنه هل ورد من الشارع في خصوص شرب التتن مثلا نهي نقول الأصل عدم ورود النهي فيه فهو مطلق بمقتضى الرواية ، لكن لو علمنا بورود حكم الواقعة عن الشارع لكن لم نعلمه بعينه فلا يمكن التمسّك بالرواية فيه لحصول الغاية ، بل يمكن أن يقال يمكن التمسك في هذا الفرض أيضا إذا لم نعلم ورود خصوص النهي وإن علمنا بورود أحد الأمرين من النهي أو الإباحة أو واحد من الأمر أو الإباحة ، نعم لو علمنا بورود واحد من الأمر والنهي لا يمكن التمسك لحصول الغاية قطعا ، هذا على رواية حتى يرد فيه نهي ، أو أمر أو نهي.
وأما على رواية «حتى يرد فيه نص» فلا يمكن التمسك في الصورة المفروضة كما لا يخفى ، إلّا أن يقال إنّ المراد من النص هو الحكم الإلزامي لا مطلق الحكم حتى الإباحة ، فمعنى الرواية أنّ كل شيء مباح حتى يرد نص بالإلزام فتدبّر.
والحاصل أنّه يمكن الاستدلال بالرواية على المطلوب على المعنيين ، أما على المعنى الأول فبمقتضى مدلولها بنفسه كما قرر ، وأما على المعنى الثاني فبمعونة أصالة عدم ورود النهي ، ولعله مراد بعض المستدلّين بها لما نحن فيه كما يظهر من سيد الضوابط (رحمهالله).