ثم انه قده قال علي فرض تسليم كون العموم الأزماني والأفرادي بالدليل اللفظي يكون الشك في النسخ مسببا عن الشك في التخصيص فإذا رفع الشك في الثاني بواسطة جريان أصالة العموم لا تصل النوبة إلى الشك في النسخ وإذا لم يجز فيه لا يبقى الشك في عدم النسخ فإذا اخترنا التخصيص في رتبة السبب لا يبقى الشك في عدم النسخ.
والجواب عنه ان الشكين لا يكونان سببيا ومسببيا بل الشك فيهما يكون من ناحية العلم الإجمالي بان الخاصّ اما ان يكون ناسخا أو مخصصا مضافا بان الحاكم والمحكوم يتصوران في دليلين لا دليل واحد إذا كان الحكم على نحو القضية الحقيقية وقد مر ان الإطلاق من جهة الافراد والأزمان تام فلا وجه لكلامه قده في تقديم التخصيص على النسخ فتكون المعارضة بين النسخ والتخصيص باقيا.
واما الخراسانيّ قده قال بان الظاهر من قول القائل لا تكرم الفساق من العلماء بعد قوله أكرم العلماء هو الحكم الواقعي أي ان الفاسق يحرم إكرامه من رأس لا من هذا الزمان فعليه يكون التخصيص مقدما على النسخ الذي يكون لازمه كون الخاصّ حكما ظاهريا وفيه ان ظهور العام أيضا كذلك فان الظاهر من قول القائل أكرم العلماء هو ان العلماء واجب إكرامهم جميعا واقعا لا ظاهرا بحيث يكون لازم ذلك ان يكون الخاصّ ناسخا لا مخصصا فلا يصير ما ذكره قده أيضا رافعا للمعارضة ومعينا لترجيح أحد الطرقين هذا كله على المبنى العتيق وهو ان تقديم الخاصّ على العام في النسخ يكون من جهة التخصيص في الأزمان وفي التخصيص من جهة الافراد وسيجيء ما هو التحقيق.
ثم ان شيخنا العراقي قده قال في مقالات الأصول بان حقيقة النسخ يكون مرجعها إلى التصرف في الجهة فإذا كان الخاصّ مقدما على العام ان قلنا بالتخصيص فقد جمعنا بين دلالتها برفع اليد عن بعض مدلول العام والعمل بالخاص أيضا وان قلنا بالنسخ فقد تصرفنا في جهة الصدور مثل التقية في إبراز العموم وتوضيح كلامه قده يحتاج إلى مقدمتين :