ثم ان العلمين الشيخ الأنصاري والمحقق الخراسانيّ (قدهما) مع قولهم بالامتناع أي امتناع اجتماع الأمر والنهي قالوا بصحة عبادة الجاهل بالنهي وهذا لا يكون إلّا من جهة ان الباب عندهم باب التزاحم لا التعارض ليصير وجها لصحة العبادة بواسطة وجود الملاك وإلّا فعلى التعارض لا يبقى الملاك مع أهمية النهي واما على التزاحم فإذا لم يكن النهي عن الأهم لعجز المكلف بواسطة عدم العلم يصير المهم تحت الأمر.
وشيخنا النائيني (قده) حيث انه امتناعي وقائل بالتعارض في المقام قال في مقام ردهما بان العلمين حيث كانا قائلين بالجواز قالا بصحة عبادة الجاهل وفيه ما لا يخفى لأن جل القدماء كانوا قائلين بالامتناع ومع ذلك قالوا بصحة عبادة الجاهل هذا.
ثم وجه كلامهما بتوجيه وأشكل عليه اما التوجيه فهو ان الجهل يصير سببا لعجز المكلف عن إتيان الأهم ولذا يتوجه إليه أمر المهم فالمكلف لجهله لا يكون مخاطبا بخطاب الأهم.
__________________
ـ يقال علي فرض جواز اجتماع الأمر والنهي لا إشكال في وجود الملاكين ولكنه خلاف التحقيق وعلى فرض الامتناع فان قلنا بان سقوط الخطاب لا يوجب سقوط الملاك ففي المقام يقال ببقاء الملاك للعبادة والمانع من التقرب يكون هو العلم بالنهي ومع الجهل لا يكون المانع فعليا واما على فرض القول بالامتناع والقول بان الملاك بدون الخطاب لا يتصور كما هو التحقيق فيمكن ان يقال النهي عن الغصب مثلا في صورة الجهل بالموضوع أو الجهل بالحكم قصور الا تقصيرا حيث لا يكون فعليا فأي مانع من ان يقال يكون هنا أمر ولا نهى أصلا والأمر لا مزاحم سواء قلنا باجتماع الأمر والنهي أو امتناعهما وكذلك يصح إجماعهم على صحة العبادة في حال الجهل.