والمقام الثاني في القول بجواز الاجتماع مع العلم بالنهي والالتفات إليه فقال المحقق الخراسانيّ (قده) بصحة العبادة أيضا مطلقا أي سواء كان جانب النهي غالبا أو جانب الأمر لأن المصلحة تامة على الجواز ولا يضر المقارن الّذي يكون له المفسدة فان كلا منهما يؤثر اثره ولا ربط لأحدهما بالآخر في كون المصلحة والمفسدة وهذا على فرض عدم التغليب لجانب النهي واضح.
واما على فرض تغليب جانبه فالعبادة وان كان امرها ساقطا ولكن يمكن إتيانه بداعي المصلحة وقد أجبنا عنه في الدورة السابقة فقلنا بان هذا الكلام في الوجودين الانضماميين صحيح واما في الوجود الواحد لا يصح لأن امر الامتثال بيد العرف وهو لا يرى من يعمل بعمل واحد معصية وعبادة ممتثلا ومطيعا لأن له المندوحة على تطبيق العبادة على الفرد الّذي لا مزاحم له.
ولكن في هذه الدورة نقول بعدم صحة العبادة مطلقا أي ولو في الوجودين الانضماميين والسر فيه ما ذكرناه في الدورة السابقة بان امر الامتثال بيد العرف والعقلاء ولم يبينه الشارع وهم لا يرون من يقرن بعمله العبادي ما هو المعصية مطيعا لأن الفاعل يرى قبيحا بواسطة مقارنة عنوان المحرم على عمله وان كان أصل الفعل العبادي له شأن من المصلحة ففي صورة العلم لا وجه لتصحيح العبادة أصلا ، ثم ان في المقام كلاما وهو ان الأمر بالطبيعي حيث يكون له فرد بلا مزاحم يمكن ان يكتفى به في مقام الامتثال بان نقول الصلاة مثلا يكون الأمر بطبيعتها والفرد الخارجي وان كان مزاحما بالغصب لكن أصل الصلاة لا مزاحمة لها فبداعي الأمر بالطبيعة يمكن إتيان الصلاة ويقدر المكلف على إتيانها كما عن المحقق الثاني وهو (قده) فرق بين كون القدرة عقلية أو شرعية فقال بان القدرة على الامتثال ان كانت عقلية فحيث ان العقل يرى إمكان الامتثال لوجود الأمر بالطبيعة لا إشكال في صحة العبادة واما إذا كانت شرعية بمعنى دخالتها في نفس الخطاب فحيث انه لا يمكن الخطاب بالأمر والنهي في مورد واحد لا يمكن