فما قيل من ان ألفاظ المعاملات موضوع للمسببات مثل البيع والإجارة لا الأسباب وهي امرها دائر بين الوجود والعدم فكيف يتصور الصحيح والفاسد بالنسبة إليها يظهر جوابه مما قلنا بان المسببات وان كانت بنفسها غير مقدورة ولكن بأسبابها وهو إجراء صيغة العقد مع جميع الشرائط تكون مقدورة ومعنى صحتها هو الوجود الشرعي ومعنى عدم الصحة هو العدم الشرعي لا التكويني وقس عليه كلما لم يكن من الأسباب والمسببات التوليدية أيضا فان الصحيح وغيره فيها أيضا هو الوجود الشرعي والعدم الشرعي لا الوجود والعدم التكويني فإذا لم يقع بعض ما هو شرط أو جزء في الجميع أي في الأسباب أو غيرها لا يقع وجوده الشرعي ولو وقع الجميع يقع وجوده كذلك مع انه في التكوين وقع شيء من الأشياء.
فالكل بهذا المعنى يكون وجوده دائرا مدار الموافقة الشرعية وعدمه بعدمها فإذا كان النهي عن شيء من المعاملات وغيرها يكون معنى النهي عنها هو ان وجودها الاعتباري مبغوض للشارع ووجوده التشريعي غير واقع في الواقع ولا يكون معناه ان الوجود الشرعي وقع ويكون مبغوضا كما عليه أبو حنيفة القائل بان النواهي دال على الصحة لا الفساد.
المقدمة السادسة
في معنى الصحة والفساد ولا يخفى انهما بمعنى واحد ولكن يكون الاختلاف حسب الأنظار والغايات التي تكون في النّظر ففي الشرع يكون المراد هو ترتيب الأثر الشرعي وعدمه فان رتب فهو الصحيح وإلّا فهو الفاسد وان كان للعمل وجود تكوينا ويعبر عنه الفقيه بان الصحيح هو الّذي يكون مسقطا للقضاء والإعادة وفي نظر المتكلم هو مطابقة المأمور به للمأتي به ليحصل ما هو المراد من الأحكام من الآثار الواقعية مثل رقاء النّفس ثم ان التعبير بالصحّة والفساد الإضافيين هو هذا المعنى فان المتكلم يكون العمل مثلا عنده غير صحيح والفقيه عنده صحيح لأنه مسقط