والتدبير لقتله في خاتمة المطاف وأخذ زوجته.
تشتمل التوراة التي حُرِّفت عن مواضعها على بعض العبارات التي تبيّن مدى فضاعة هذه القصّة ، والتي لا تسمح عفّة القلم ومنزلة الأنبياء عليهمالسلام (١) بذكرها.
هذه القصص الموضوعة ، والعبارات البذيئة تعدّ بنفسها أفضل دليل على تحريف التوراة الحالية.
من الطبيعي أنّ مثل هذا التحريف ليس غريباً بالنسبة لمحقّقي تاريخ التوراة على مدى آلاف السنين ، لكنّ العجب إنّما هو من كيفية إقدام بعض المفسّرين المسلمين على نقل تلك الخرافات القبيحة في كتبهم ، في الوقت الذي نقرأ في رواية عن علي أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «لا اوتى برجل يزعم أنّ داود تزوّج امرأة أُوريا إلّاجلدته حدّين حدّاً للنبوّة وحدّاً للإسلام» (٢).
كما احتمل البعض كون هذه الحادثة إشارة إلى أنّ داود عليهالسلام لم يأسف لنبأ مقتل اوريا في ميدان القتال كأسفه على غيره ، وذلك لرغبته في الزواج من امرأته بعد مصرعه ، ولكن من دون (اتّفاق مسبق) حول الموضوع.
لكن وكما أشار المرحوم السيّد المرتضى أيضاً ، فانّ هذه التصرّفات وإن لم تعدّ ذنباً لكنّها ممّا تشمئزّ منها النفوس ، ومعلوم أنّه لا ينبغي للأنبياء والأئمّة القيام بمثلها (٣).
كما احتمل بعض المفسّرين أنّ العادة في ذلك الزمان كانت جارية على عدم تزويج المرأة الأيّم أبداً ، وأنّ داوداً قد تزوّج زوجة اوريا بعد موته لتحطيم هذه السنّة الخاطئة.
لكنّ هذا التفسير أيضاً لا يتناسب بدوره مع ظاهر الآيات التي تبيّن صدور ترك الأولى من داود ، لأنّ تحطيم هذه السنّة الخاطئة يعدّ واجباً فضلاً عن عدم كونه تركاً للأولى ، إلّاأن
__________________
(١) لمزيد من الإطلاع راجع الكتاب الثاني لـ «اسموئيل» (من كتب التوراة) الفصل الحادي عشر ، الجملة الثانية إلى السابعة والعشرين ، ثمّ نقدها وتحقيقها من التفسير الأمثل ذيل الآيات ٢١ إلى ٢٥ من سورة ص.
(٢) تفسير مجمع البيان ، ذيل الآيات من سورة ص ، كما ذكر الفخر الرازي نفس هذا الموضوع بعبارة اخرى.
(٣) تنزيه الأنبياء ، ص ٩١ و ٩٢.