يبعث الله نبيّاً علم أنّه يكفر بعد نبوّته! (لكن ضعف هذا الكلام هو بدرجة لا يمكن اعتباره ضمن أقوال العلماء المتقدّمين ، وكذلك تعبير بعض مفسّري أهل السنّة في ذيل الآية : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى). (الضحى / ٧)
وذيل الآية : (مَا كُنْتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ). (الشورى / ٥٢)
وذيل الآية : (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ). (الشرح / ٢)
والآية : (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). (البقرة / ١٣١)
يبيّن أنّ البعض منهم يقول بجواز مسألة الكفر والشرك قبل النبوّة ، لكن ـ وكما قلنا ـ لا يمكن اعتبار هذا الكلام من أقوال علماء الإسلام).
وامّا النوع الثاني وهو ما يتعلّق بالتبليغ فقد اتّفقت الامّة ، بل جميع أرباب الملل والشرائع على وجوب عصمتهم عن الكذب والتحريف ، فيما يتعلّق بالتبليغ عمداً أو سهواً إلّا «القاضي أبو بكر الباقلاني» ، فإنّه جوّز ما كان من ذلك على سبيل النسيان وفلتات اللسان ، (هذا القول نادر بدرجة بحيث لا يعتبر شيئاً في مقابل القول بالإجماع).
أمّا النوع الثالث وهو ما يتعلّق بالفتيا فأجمعوا على أنّه لا يجوز خطأهم فيها عمداً وسهواً ، إلّاشرذمة قليلة من العامّة (التي خرقت هذا الإجماع ، والتي لا يعتدّ بها أيضاً) (ينقل ابن أبي الحديد هنا عن الكرامية والحشوية (١) بأنّهم لم يقتصروا على القول بجواز الخطأ فقط في هذا القسم ، بل استدلّوا باسطورة الغرانيق الموضوعة لإثبات هذا المقصود بالنسبة للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله «والعياذ بالله»).
وامّا النوع الرابع وهو أفعالهم ، فقد اختلفوا فيها على خمسة أقوال :
١ ـ مذهب الشيعة الإمامية وهو أنّه لا يصدر عنهم الذنوب الصغيرة أو الكبيرة ولا العمد والنسيان والخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه ، ولم يخالف فيه (وفي مورد واحد فقط) إلّاالشيخ الصدوق وشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد فانّهما جوّزا الإسهاء لا السهو ،
__________________
(١) «الكرامية» هم أتباع محمّد بن كرام الذي ظهر في القرن الثالث وقال بالتجسيم ، و «الحشوية» (بفتح الشين أوسكونها) طائفة من المعتزلة الذين ذهبوا وراء ظواهر القرآن وقالوا بالتجسيم ، وقال البعض إنّ هذه الفرقة الضالّة شاركت أوّلاً في درس الحسن البصري ، وحينما سمع الحسن منهم كلاماً يخالف الإسلام أمر بإخراجهم.