وهو قول أكثر «الأشاعرة» ومنهم الفخر الرازي ، وبه قالـ «أبو هذيل» «وأبو علي الجبائي» من المعتزلة (١).
والملفت للنظر أنّ المصدر الرئيس لهذه الأقوال المتفرقة يعود بالدرجة الاولى إلى عاملين كما يبدو :
١ ـ عدم وضوح البعض من ظواهر آيات القرآن التي يشمّ منها للوهلة الاولى نفي العصمة في بعض امورهم ، في حين أنّ التدقيق في هذه الآيات ، وتفسيرها على ضوء آيات القرآن الاخرى ينفي هذا التوهّم بالمرّة ، ولكن نظراً لأنّ أهل الظاهر والجمود لم يكلّفوا أنفسهم عناء التحقيق والتدقيق فقد ابتلوا بمثل هذه العقائد.
٢ ـ فريق اعتبر بعض افراده الأدلّة العقليّة دخيلة في هذه المسألة ، وفسّر آيات القرآن أفضل من صاحبه ، كلّ اعتمد أحد الأقوال المتقدّمة ، نظراً لتوهّمهم بأنّ الهدف من البعثة إنّما يتحقّق بالعصمة بعد النبوّة ، أو العصمة في خصوص نطاق دائرة التبليغ ، أو من الذنوب الكبيرة.
لكن الحقّ هو أنّ الأنبياء معصومون بشكل عامّ من الذنوب العمدية وغيرها ، كبيرة كانت أم صغيرة ، قبلـ «البلوغ» و «النبوّة» أم بعدها ، وكذلك من الخطأ سواء أكان في العقيدة ، أو تبليغ النبوّة وأداء الرسالة ، أو بيان الأحكام أو غيرها.
هذه هي عقيدة علماء الشيعة ، عقيدة أصحابنا في تنزيه الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام من كلّ ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوّة وبعدها ، ودليلهم على ذلك روايات أئمّة الهدى عليهمالسلام الثابتة قطعاً عن طريق إجماع الأصحاب ، والروايات المتظافرة ، حتّى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية» (انتهى كلام العلّامة المجلسي) (٢).
ومع هذا فمن المثير للعجب ما ينسبه بعض أعداء الشيعة لهذا المذهب بما يتنفّرون منه في كلماتهم ، كقولهم مثلاً : إنّ الشيعة يجوّزون تظاهر الأنبياء بالكفر تقيّة خوفاً على حياتهم!
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١١ ، ص ٨٩ ـ ٩١.
(٢) المصدر السابق ، ٩١.