(بدر) ثمّ توالت الإنتصارات الواحدة تلو الاخرى ، وأصبحت كلّ الجزيرة العربية تحت راية الإسلام خلال فترة قصيرة.
ونظير هذا المعنى جاء في قوله تعالى : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ* وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ). (التوبة / ١٤ ـ ١٥)
وورد نفس هذا المعنى في القرآن الكريم حيث يخاطب أصحاب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ويقول : (وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَايُنْصَرُونَ). (آل عمران / ١١١)
كلّ التعابير التي في هذه الآيات تخبر بشكل قاطع عن انتصار المسلمين وهزيمة الأعداء ، ذلك الإخبار الذي لم يكن يصدّق به أحد في ذلك الزمان.
ونفس هذا المعنى ورد بقالب آخر في سورة القصص الآية ٨٥ ، عندما اضطرّ الرسول صلىاللهعليهوآله إلى ترك أرض مكّة المقدّسة ، نتيجة للضغط الشديد الذي تعرض له من قبل المشركين ، الذين كانوا بكامل قدرتهم في ذلك الوقت حيث نزلت الآية : (إِنَّ الَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ).
هذه البشارة القطعية في تلك الفترة العصيبة حين كان المسلمون أضعف ما يكونون بحسب الظاهر لم تكن سوى خبر غيبي.
وفي آية اخرى حينما كان يستبشر الأعداء بانقراض ذرّية النبي ، وعدم وجود من يحافظ على دينه باعتبار انحصار عقبه في ابنته فاطمة الزهراء عليهاالسلام فقط ، وقالوا : إنّ «محمّداً أبتر» ، نزلت سورة الكوثر وبشّرت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بخبر حتمي بأنّنا أعطيناك خيراً كثيراً ... وأنّ عدوّك هو الأبتر الذي لا عقب له بكلّ تأكيد : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ... إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).
واليوم نجد أنّ نسل ذلك العظيم قد انتشر عن طريق ابنته فاطمة الزهراء عليهاالسلام في كلّ أرجاء المعمورة ، وظهر منهم الكثير من القادة الذين وظّفوا أنفسهم لخدمة الإسلام طيلة عمرهم.
في حين أنّ من كان يؤذي النبي ويعيره صلىاللهعليهوآله بذلك وهم (مشركو قريش) ، قد اضمّحلوا ولم يبق لهم اليوم أثر يذكر ، ولو بقي شيء على سبيل الفرض فهو غير معروف. وبهذا فقد