الخمسة الواردة في آخر سورة لقمان والتي تمّت الإشارة إليها سابقاً ، وكالعلم بكنه ذات الباري جلّت قدرته وكنه أسمائه وصفاته.
الدليل على هذا الكلام هو الروايات المتظافرة التي تقول صراحة : إنّ للأئمّة «علم ما يكون وما هو كائن حتّى تقوم الساعة» ، ومن البديهي أنّ للنبي ذلك العلم بطريق أولى.
المرحوم الكليني وفي اصول الكافي ذكر باباً تحت عنوان : «إنّ الأئمّة عليهمالسلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنّه لا يخفى عليهم شيء» (١).
٢ ـ إنّهم يعلمون كلّ هذه الامور لكن «بالقوّة» لا «بالفعل» ، أي أنّهم كلّما شاؤا أن يعلموا شيئاً من أسرار الغيب ألهمهم الله به ، أو أنّهم يمتلكون قواعد واصول يستندون عليها للإطّلاع على كلّ أسرار الغيب ، أو أنّ معهم كتباً يطّلعون على أسرار الغيب من خلال التأمّل فيها ، أو أنّهم يعلمون بهذه الأسرار كلّما شاء الله ذلك ، أي كلّما منحهم حالة البسط اصطلاحاً ، في حين أنّ هذه العلوم تختفي عند عودة المشيئة وحصول حالة القبض كما يصطلح على ذلك.
الدليل على هذا القول (في الحالة الاولى) هو الروايات القائلة : إنّ الأئمّة والقادة المعصومين إذا أرادوا أن يعلموا شيئاً علموه ، وقد عقد المرحوم الكليني في اصول الكافي باباً حول هذا الموضوع تحت عنوان : «إنّ الأئمّة إذا شاؤا أن يعلموا علموا» (٢).
هذا البيان يحلّ الكثير من المشاكل المتعلّقة بعلم الأنبياء والأئمّة أيضاً ، من جملتها أنّه لماذا شرب الإمام الحسن عليهالسلام مثلاً من ماء الجرّة المسموم؟ وتناول الإمام الثامن عليهالسلام العنب أو الرمّان المسموم؟ لماذا انتخبوا فلاناً المناسب للقضاء أو القيادة؟ ولماذا كان يعقوب قلقاً إلى ذلك الحدّ على إبنه؟ مع أنّ ابنه كان يتدرّج في المناصب الحسّاسة ، ثمّ استبدل الفراق إلى الوصال في خاتمة المطاف ، لماذا ... ، ولماذا ...؟
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢٥ (ذكر المرحوم الكليني في هذا الباب ست روايات) كما أنّ المرحوم العلّامة المجلسي قد تعرّض لشرح هذه الروايات في مرآة العقول ، ج ٣ ، من ص ١٢٩ ـ ١٣٤.
(٢) المصدر السابق ، ص ٢٥٨ (ذكرت في هذا الباب ثلاث روايات بنفس هذا المضمون) كما أشار إليها المرحوم العلّامة المجلسي في مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ١١٨.