رسول الله صلىاللهعليهوآله علّمني الف باب من الحلال والحرام وممّا كان وممّا يكون إلى يوم القيامة ، كلّ باب منها يفتح الف باب فذلك الف الف باب» (١).
العدد (الف) في هذا الحديث سواء كان للعدد أو كناية عن الكثرة فهو دليل على الكثرة ، التي تفوق الحدّ لأبواب العلم التي علّمه إيّاها النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وكذلك إشارة إلى اشتمال هذه الأبواب على سلسلة من الاصول الكلّية التي تطلّ عليها مئات بل آلاف الأبواب الاخرى.
والملاحظة الجديرة بالإعتبار هي أنّ الحديث ، (إذا شاؤا أن يعلموا علموا) يمكن أن يكون إشارة إلى نفس هذا المعنى وهو أنّهم إذا شاؤا أن يعلموا بعضاً من الجزئيات ، لراجعوا الاصول الكلّية التي علّمهم إيّاها الله تعالى أو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله واطّلعوا عليها.
٥ ـ إنّ علمهم يكون بكلّ حقائق العالم لكن من خلالـ «لوح المحو والإثبات» ، في حين علم الله بكلّ الحقائق هو من خلالـ «اللوح المحفوظ».
بيان ذلك : حوادث الكون لها مرحلتان : المرحلة القطعيّة التي لا سبيل لأي تغيير إليها ، أي أنّ حادثة ما بكلّ أسبابها وعللها حاضرة عند العالم ، وحيث إنّه مطّلع على كلّ أسبابها وعللها وموانعها وعلاقتها بالماضي والمستقبل ، فهو يعلمها قطعاً ويخبر عنها بجدّية ، وقد تمّ التعبير عن هذه المرحلة على لسان الآيات والروايات بـ «امّ الكتاب» أو «اللوح المحفوظ».
والمرحلة الاخرى هي «المرحلة غير القطعية» أو بعبارة اخرى «المرحلة المشروطة» ، فالشخص العالم مطّلع على علل الحوادث في هذه المرحلة ، لكن من الممكن عدم وضوح كلّ شروطها وموانعها لديه ، ولذا لا يمكنه البتّ في وقوع الحوادث إنّما يمكنه ذلك مشروطاً ، وهذا ما تمّ التعبير عنه على لسان الآيات والروايات بـ «لوح المحو والإثبات».
الاختلاف بين علم الله وعلوم الأنبياء والأولياء هو نفس الاختلاف بين هاتين
__________________
(١) المرحوم العلّامة المجلسي عقد في المجلّد الأربعين باباً تحت نفس هذا العنوان (إنّ النبي صلىاللهعليهوآله علّمه الف باب) وذكر ٨٢ حديثاً حول هذا الموضوع والذي ذكرناه أعلاه هو الحديث السادس (بحار الأنوار ، ج ٤٠ ، ص ١٣٠).