ومهارتها ودقّتها ، يكشف عن سقم وسطحية افتراض تجرّد الحيوانات خصوصاً الطيور من الشعور.
إنّ أبحاث العلماء تشير إلى أنّ للكثير من الحيوانات القدرة على تحديد الظروف الجويّة ، حتّى قبل حدوثها بعدّة أشهر ، في حين أنّ الإنسان ومع كلّ الأجهزة التي يستعين بها يعجز أحياناً عن مثل ذلك ، ولو لساعات قليلة قبل ذلك.
أغلب الحيوانات تعلم بالزلازل قبل وقوعها وتبدي ردّ فعلها لذلك ، في الوقت الذي تعجز فيه أجهزة رصد الزلازل عن تخمين ولو مقدّماتها.
غرائب حياة النحل واقتفائها العجيب للمناطق التي تكثر فيها الزهور ، ونشاطات النمل العجيبة وتطوّرها المعقّد ، ومعرفة الطيور المهاجرة بوضع الطرق حين تطوي أحياناً المسافة بين القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية ، واطّلاع البعض من الطيور على أحوال فراخها قبل تفقيسها ، وتوقّعها الدقيق لاحتياجاتها مع عدم امتلاكها لتجربة سابقة ، وأمور أخرى من هذا القبيل والتي ذكرت في الكتب المعتبرة والمستندة في هذه الأيّام ، تشير بمجموعها إلى أنّ لا غرابة في تمتّع الحيوانات بنوع من الحوار فيما بينها ، مع تمكّنها من التحدّث مع من له اطّلاع على أبجديات لغتها ، وخلق رابطة ما معه.
الكثير من آيات القرآن تدلّل على أنّ للحيوانات شعوراً وإدراكاً على خلاف ما يتوهّمه البسطاء ، بل بلغ الحدّ بالبعض إلى الإعتقاد بأنّ لكلّ ذرّات الكون بما فيها الجمادات نوعاً من الشعور ، ومن هنا فقد اعتبروا عموم تسبيحها مقروناً بالشعور.
هذه المواضيع تعود بطبيعة الحال إلى بحوث أخرى ذكرناها في محلّها ، امّا الذي ينبغي الإلتفات إليه هنا فهو مسألة اطّلاع البعض من الأنبياء على «منطق الطير» ، وتحدّث قسم من الحيوانات معهم ، والتي لا تعدّ علماً ضرورياً لأداء الرسالة بل باعثاً على كمال النبوّة.
* * *