٢ ـ مصدر الوحي هو نبوغ الأنبياء وسموهم الروحي.
٣ ـ الوحي لا يمثل وجود مجهول روحاني مستقلّ عن وجودنا يطلق عليه رسول الوحي أو الملك الإلهي ، بل منشأه هو الشعور الباطني والإتّصال بالعقل الفعّال الذي يترك أثره في عالم الخيال ، ثمّ في إحساس النبي فيرى مظاهر الوحي ويسمعها!
لا شكّ أنّ مثل هذه التحليلات لا تتلاءم أبداً مع ما جاء به الأنبياء وما يستفاد من آيات القرآن من جهة ، ومع الدليل العقلي الذي ذكرناه سابقاً من جهة اخرى.
فضلاً عن افتقارها كلّها للسند والدليل ، وأساساً ما هو السروراء إعجاب بعض العلماء بعلومهم ومعارفهم المحدودة إلى هذا الحدّ الذي دفعهم لتفسير وتحليل كلّ أسرار الكون بهذه الحصيلة من العلوم والإكتشافات ، هذا الأمر يشبه قيام النحلة بتفسير وتحليل أنواع رموز الكامبيوترات والسفن الفضائية والأقمار الصناعية بمعلوماتها المحدودة ، فهل نعطيها مثل هذه المكانة ياترى؟
مؤلّف تفسير المنار وبعد نقله لهذه النظرية عن فريق من الفلاسفة الماديين ، وبعبارات شبيهة للتي ذكرناها أعلاه ، يضيف قائلاً : «لقد سرى هذا الإشتباه إلى الكثير من المسلمين الغارقين في الشكّ والترديد ، الذين يقلّدون العلماء المادّيين (بأبصار وآذان مقفلة) أو يقتنعون بتفاسيرهم ، ثمّ يتعرّض بعد ذلك لنقد مثل هذه الأفكار بالشرح والتفصيل» (١).
وبهذا نكون قد وصلنا لخاتمة البحث المختصر الذي اعددناه حول مسألة الوحي ، إذ وكما قلنا سابقاً فلقد شرحنا هذا الموضوع شرحاً وافياً في «نفحات القرآن» «المجلّد الأوّل» في مبحث «مصادر المعرفة» (المصدر الخامس).
* * *
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١١ ، ص ١٦٣.