عليها اسم الهلال الخصيب (الهلال الخصيب إشارة إلى المنطقة التي تبدأ من وادي النيل وتمتدّ إلى مصبّ دجلة والفرات وشطّ العرب ، وتظهر في الخارطة على شكل هلال كبير) هي مهد الحضارات العظيمة في العالم.
حضارة مصر القديمة التي تعدّ أقدم حضارة عرفتها البشرية ، وحضارة بابل في العراق وحضارة اليمن في جنوب الحجاز ، وكذلك حضارة ايران والشامات ، كلّها نماذج للحضارات البشرية المعروفة.
والآثار التاريخية الباقية في هذه المناطق والكتابات الحجرية ، كلّها شواهد حيّة على هذا المدّعى.
إنّ عودة الحضارة الإنسانية في هذه المناطق إلى سبعة آلاف سنة أو أكثر من جهة ، والملازمة الشديدة بين الحضارة البشرية وبين ظهور الأنبياء الكبار ، نظراً للحاجة الماسّة للناس المتحضّرين إلى الأديان الإلهيّة أكثر من غيرهم ، ضماناً للقوانين الحقوقية والاجتماعية ، وتفجيراً لطاقات فطرتهم الإلهيّة ، مع الحدّ من الإعتداءات والمفاسد من جهة اخرى ، دفعتنا للقول بأنّ حاجة إنسان اليوم إلى الدين خصوصاً في الدول الصناعية المتطوّرة هي أكبر من أي زمان آخر.
الأقوام المتوحشّة أو البعيدة عن ألوان المدنية ليس لها ذلك الإستعداد لتقبّل الأديان ، بل ليس لها القدرة على نشرها على فرض تقبّلها لها.
لكن حينما يظهر الدين في المراكز المتحضّرة لا يلبث أن يمدّ بجذوره ليشمل باقي النقاط ، وذلك لاستمرارية تردّد الآخرين على مثل هذه المناطق ، أملاً في حلّ مشاكلهم فضلاً عن تمركز وسائل الدعاية والإعلام فيها أكثر من غيرها.
يمكن أن يقال : إذن فلماذا ظهر الإسلام الذي هو أكبر الأديان السماوية في منطقة متأخّرة حضارياً؟
وللاجابة عن هذا السؤال نقول : لو دقّقنا النظر في الخارطة الجغرافية لرأينا أنّ هذه المنطقة المتأخّرة أي «مكّة» كانت في الواقع همزة وصل بين آثار خمس حضارات كبيرة