يقول القرآن الكريم في الآية العاشرة من آيات البحث وخصوصاً فيما يتعلّق بنبي الإسلام صلىاللهعليهوآله : «فَبَما رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» و «الفظّ» : و «غليظ القلب» لهما نفس المعنى تقريباً وهو الشدّة والخشونة وقساوة القب ، لكن البعض فرّق بينهما وقال : إنّ «الفظّ» يعني الخشن في القول ، و «غليظ القلب» الخشن في الفعل. وذهب البعض الآخر إلى أنّ «فظّ» إشارة إلى الخشونة الظاهرية (الأعمّ من القول والفعل) ، و «غليظ القلب» إشارة إلى الخشونة الباطنية والقلبية والتي تعدّ المصدر الرئيسي لكلّ الخشونات.
والذي يقابل هذين الوصفين هو اللّين والمحبّة والهدوء قولاً وفعلاً ممّا يؤدّي إلى استقطاب طبقات الامّة بشكل عجيب.
ويرى محقّقو التاريخ أنّ وجود هذه الصفات في شخص نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله كان له أكبر الأثر في الإسراع من مهمّة نجاح وانتشار رسالته خصوصاً في أوساط مجتمع يدور فيه كلّ شيء حول محور الخشونة الفعليّة كالقتل والإغارة فضلاً عن الخشونة في القول ، ومن هنا فمن السهل الوقوف على الدور الفعّال لهذه الصفة الأخلاقية للنبي صلىاللهعليهوآله.
وهناك الكثير من الشواهد حول هذا الموضوع في تاريخ حياة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، ولو تعرّضنا لها كلّها لخرجنا عن جوهر موضوع بحثنا لكثرتها ، لكنّنا سنكتفي بنموذج واحد فقط:
ففي معركة احد التي وجّهت فيها أكبر ضربة لكيان الإسلام والمسلمين بسبب عدم التزام فريق ممّن كانوا جديدي العهد بالإسلام وهروب فريق آخر ، فضلاً عن الجراح التي اثخن بها شخص النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله وبشهادة الكثير من أقطاب الإسلام ، نراه صلىاللهعليهوآله بعد انتهاء المعركة حليماً مع المسلمين يكلّمهم بلسان طيّب ولم يبد أي غضب بل كان يدعو لهداية أعدائه المجرمين أيضاً.
كما أنّ تاريخ باقي الأنبياء عليهمالسلام يعكس أيضاً تمتّعهم بهذه الفضيلة الإنسانية الخطيرة. إنّ تصريح القرآن بأنّ «نوحاً» عليهالسلام قد دعا قومه تسعمائة وخمسين سنة وأنّه استعان