وشخصية .. رغم أنه هو المالك له ، فإن مقتضى الأخذ بهذه السياسة هو الالتزام بلوازمها ، والاستجابة لموجباتها ، وترتيب آثارها .. فالذي جعلت له كيانا ، وكرامة ، ورسمت له هدفا ، وكلفته بالعمل للوصول إليه باختياره ، وقررت له حقوقا ، فإنه إذا أنجز ما طلب منه ، سيطالب بهذه الحقوق المجعولة له ، ولا يرضى بأن تعطى لغيره ، حتى لو كان ذلك الغير هو ولده ، أو أبوه ، أو أخوه ، وسيرى نفسه مظلوما إن حصل ذلك فعلا.
«بِما صَبَرُوا» :
ثم إنه مرة يكون الدافع للعطاء هو مراعاة خصوصية في المبذول له ، ككونه عالما ، أو لأجل حسن سلوكه ، أو إلخ .. فيعطيه ، ولو لم يصدر من ذلك الشخص أي فعل يستحق أن يقابل بشيء آخر ..
ومرة يراد بالعطاء أن يكون مقابل جهد يراد أن يكون جزاء له ، فتحتاج إلى تحقيق توازن بين المجازى به ، والمجازى عليه ، من حيث إن هذا أقل ، وذاك أكثر ، أو العكس ..
وقد يكون هذا العطاء أرجح من حيث الصفة التي يراد مراعاتها فيه ، وقد لا يكون كذلك ..
وبعد ما تقدم نقول :
هل يريد الله تعالى بقوله : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) أن يجعل العطاء والجزاء ، على نفس وجود طبيعة وخصوصية الصبر فيهم؟! .. أو أنه يريد أن يجازيهم على فعل صدر منهم ، وقد كان هذا الفعل تجسيدا لمفهوم الصبر في الواقع الخارجي؟!
إن الظاهر أن المراد هنا ، هو هذا الشق الثاني ..
وذلك لأن كلمة (بِما صَبَرُوا) تستبطن ، أو فقل : تصرح ، بأن هذا العطاء