لماذا اسم الله؟! :
وأما السبب في أنه تعالى ، قد أجرى الكلام عن ذكر اسم الله ، فهو أن المقام مقام الذكر المستبطن لمعنى المعرفة ، ومن البديهي : أنه لا يمكن معرفة كنه الله ، وحقيقة ذاته تعالى. بل هو جلّ وعلا يعرف بأسمائه وتجلياتها ، ومنها صفات فعله التي هي بالنسبة لنا أدلّ شيء عليه ، إذ إننا نشعر بالحاجة إلى الرزق فيرزقنا الله ، فنسمّيه بالرزّاق ، ونحتاج إلى الشفاء ، فيشفينا ، فنسمّيه بالشافي ، ونحتاج إلى الرحمة فيرحمنا فنسمّيه بالرحمن ، وبالرحيم .. وكذا الحال بالنسبة للخالق ، والودود ، والمعزّ ، والمذلّ ، والمنتقم ، والكريم ، وغير ذلك ..
إذن ، فنحن نستحضر مفهوم هذه الصفة أو تلك له تعالى في أذهاننا لتكون هي المشيرة إليه ، والدالة عليه سبحانه.
ولكن معرفة الأنبياء والأوصياء له تعالى ، أعمق وأدق من معرفتنا هذه ، فإنهم يعرفونه سبحانه باسمه الألوهي ، وبما يريهم إيّاه من أسرار خلقه ، وملكه ، وملكوته ، وعجائب صنعه ، وآياته. فإن الله سبحانه قد أرى نبينا الأعظم صلىاللهعليهوآله من آياته حين الإسراء والمعراج ، إلى البيت المعمور حيث المسجد الأقصى ، وأراه من آياته الكبرى في معراج آخر إلى سدرة المنتهى ، كما في سورة النجم .. وأرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض.
وقد يعرف الله سبحانه باسمه العظيم ، وباسمه الأعظم .. ولعلّ هذا هو ما تريد الآية أن تلمح إليه ، حيث قالت : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ). ولم تقل : أسماء ربّك .. لكي لا يقال : إن المراد هو الأسماء الحسنى .. كما أنها لم تقل اذكر الله ..