قال تعالى :
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً.)
«وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ» :
إنّ هذه الآية قد تحدثت عن وجود فريق في الجنة ، يهتم بشؤون هؤلاء الأبرار ، ويقوم بخدمتهم ، وهذا من شأنه أن يعطيهم سكينة نفسية ، وفراغ بال ، فلا مبرر للتخوف من مواجهة مشقة الخدمة ، وتكليفهم بالوصول إلى حاجاتهم ، والحصول عليها بأنفسهم.
كما أن ذلك يشعرهم بكرامتهم عند الله ، وبرعايته لهم ، وبرضاه عنهم ، وذلك مما يسعدهم ، بل هو غاية أمنياتهم ومنتهى آمالهم ..
ولعل السبب في اختيار التعبير بالتطواف .. فقال : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ). ولم يقل : «يخدمهم ولدان» الخ .. هو أن مهمة هؤلاء الولدان لا تنحصر بقضاء حاجات الأبرار ، بل إنّ نفس وجودهم يعطي الأبرار أنسا. وبهجة وسرورا ، بالإضافة إلى ما فيه من إعزاز وتكريم.
ولو كان الموضوع ينحصر بالتكريم ، وبقضاء حاجات الأبرار ، وتقريب البعيد لهم ، لكان من الممكن أن تحضر حاجاتهم إليهم بوسائل غيبية وإعجازية .. يهيء الله لهم مبادئ تحريكها ، ولو بمجرد خطورها في بالهم ..
على أن خدمة الولدان لا تنحصر بما يدخل في سياق السعي