قوله تعالى :
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً).
«فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ» :
والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة ، هو : ان الله تعالى قد أمر رسوله بالصبر لحكم الرب ، لا على حكمه ، فما هو السبب في ذلك ، والجواب :
أنه إذا قيل : اصبر على الأمر الفلاني ، فالمعنى أن عليك أن تتحمل مشقته ، ومتاعبه ، ومسؤوليته ، وقسوته ، وشدائده. ولا يصح أن يكون هذا هو المراد في الآية هنا ؛ إذ لا يمكن أن يكون في حكم الله سبحانه قسوة ، أو أن يوقع في مشكلات.
فالصحيح أن يقال : اصبر لحكم ربّك .. أي : لأجل ولمصلحة هذا الحكم الربّاني .. لأن الصبر مفيد في إنجازه ، وتحقيقه ، وإقامة شرائعه ، والالتزام بها ، وإنفاذها.
أما المتاعب فلم تنشأ من حكم الله ، بل هي من صنع المعتدين ، والآثمين ، أو من نتاج الهوى والعصبيات ، وحبّ الدنيا ، والميل إلى السلامة والراحة. مع أن الخير كل الخير ، والسعادة والصلاح هو في الالتزام بأحكام الله ، وفي إجرائها ، لا في التخلّي عنها ، لأجل دواعي الهوى ، أو ما شاكل.
هذا إذا كان المراد بحكم الرب هو الالتزام بشرائعه وأحكامه.