قوله تعالى :
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
«وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ» :
قلنا فيما تقدم : إن الله تعالى قدّم ما يفيد في إعطاء الوضوح ، واليقين ، والثبات ، الذي هيّأ له التذكير بأن هذا القرآن الذي يتنزّل تدريجا ، يحمل معه ما يدلّ على صدقه ، وظهور حقائقه في الوقائع المتتالية ، بسبب انطباق الآيات عليها ، مع أنها قد نزلت قبلها بزمان.
وقد جعل سبحانه هذا دليلا على لزوم الصبر لحكمه تعالى ، وها هو الآن بعد هذا وذاك ، قد عقب ذلك بالطلب من نبيّه الكريم : أن يذكر اسم ربّه بكرة وأصيلا ..
ولتوضيح أجواء هذا الأمر الإلهي نقول :
قد تحدّثت هذه السورة المباركة عن الإنسان حتى قبل نشوئه ، ثم تابعته في مسيره إلى مصيره ، وبينت حاجته إلى الهداية ، والرعاية الإلهية ، فأصبح واضحا : أن النبيّ صلىاللهعليهوآله هو الذي يتحمّل مسؤولية هدايته ورعايته وإعداده ، وإزالة الموانع من طريقه في كلّ هذا المسير الطويل ، ولذلك خلق الله سبحانه نبيه الكريم صلىاللهعليهوآله قبل خلق الخلق ، لكي يرافق هذا الخلق بروحه الطاهرة ، ثمّ في نشأته البشرية إلى أن قبض الله روحه ، ولكنه أيضا لم ينقطع بالموت عن مواصلة رعاية البشرية ، بل هو لا يزال مرافقا لها ، وسيبقى معها ، حتى حينما