عن المعرفة ، نقول :
إن الرؤية تعني الحضور في المكان المناسب ، والزمان المناسب لصحة الرؤية .. كما أنه لا بد أن يكون حضورا مع وعي والتفات ..
والرؤية البصرية تعني المشاهدة المباشرة ، وهي أقوى وأشد إقناعا ، وأوضح وأيسر إدراكا مما لو استندت المعرفة بالأمر إلى سماع الخبرية مثلا ..
فإن الإدراك إنما هو لصورة اخترعتها المخيلة ، من خلال مفاهيم الألفاظ التي ألقيت إليها. وليس بالضرورة أن تكون دقيقة الانطباق على الواقع الذي يراد له أن يتصوره ..
وقد تضمن هذا الخطاب ـ باختيار كلمة «رأيت» ـ دلالة واضحة على مدى الثقة بالمضمون ، وأن القضية ليست مجرد وعد بأمر قد يتبدل الرأي بالوفاء به ..
كما أن الحديث ليس عن أمر مستقبلي ، قد يطرأ خلل في مقتضيات وجوده ، أو يبرز مانع عن ذلك الوجود ، بل هو حديث عن أمر فعلي ناجز وظاهر للعيان ، يمكن تلمسه بحاسة البصر ..
وسيأتي : أن الرؤية قد تعلقت بالنعيم ، مع أنه ليس بمحسوس. وهذا أسلوب آخر لإظهار شدة الحضور أيضا ..
٣ ـ إطلاق الرؤية : «رأيت ثمّ» :
ويبقى أن نذكر هنا : أن كلمة «رأيت» الأولى لم يذكر فيها ما تقع عليه الرؤية بالتحديد ، بل اكتفى تعالى بالرؤية مجردة عن أي تقييد هناك ، ربما للإشارة إلى أن المقصود هو ذكر من يملك القدرة على الرؤية ، والقابلية لها ، فكأنه قال : يكفي أن يكون عندك إمكانية أن ترى