قوله تعالى :
(عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً).
«عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ» :
وبعد أن أشارت الآية السابقة إلى حقائق اللذة وأنواعها ، مما لا يرتبط بالممارسة الفعلية والتفصيلية .. وأشير في آيات أخرى سبقت أيضا ، إلى لذائذ معنوية إدراكية ، ترتبط بأنواع الكرامة والتكريم ، وما للأبرار من مقام كريم ، وظهر أن إكرامهم هذا إنما هو بأسلوب التعامل معهم ، حسبما ألمحنا إليه حين تحدثنا عن السبب في اختيار التعبير ب (دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) ، و (ذُلِّلَتْ قُطُوفُها)، و (يُسْقَوْنَ) ، و (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ) ، و (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) الخ .. حيث قلنا : إنه تعالى لم يذكر تلذذهم بالشراب ، بل تحدث عن أنهم يسقون ، وذكر تذليل القطوف ، ولم يذكر الأكل من تلك القطوف ..
ثم أشار سبحانه هنا إلى النعيم الحسي من خلال الممارسة الفعلية والتفصيلية ، فقال :
(عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ) الخ .. فهذه العبارة تصف حالة الأبرار ، في وقت نعيمهم ، وحين يكون لهم الملك الكبير ، فقالت : إنك أيها الناظر ، ترى لهم نعيما وملكا كبيرا في نفس الوقت الذي تكون ثياب السندس تعلوهم ..