والخير هو الفعل الذي ينتج كمالات ، يحتاج أو يسعى إليها الإنسان ، أما الشر فهو الفعل الذي يهدم ما بناه الخير ويتلفه. وذلك ظاهر لا يخفى.
«إنّ الله كان عليما حكيما» :
ويرد هنا سؤال ، وهو : أنه تعالى قد عدل عن ضمير الغائب إلى التصريح بلفظ الجلالة ، فقال : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً ..) مع أن الإتيان بلفظ الجلالة يجعلنا نتوقع أن يأتي بضمير الغائب للإشارة إلى ذاته المقدسة ..
وربما يمكن الإجابة عن ذلك : بأنه أعاد لفظ الجلالة ليفيد أنه تعالى قد بدأ كلاما جديدا ، يتضمن قاعدة عامة ، يكون هذا المورد أحد منطبقاتها. أي أنه تعالى يريد أن يثبت العليمية والحكيمية لذاته المقدسة على سبيل الإطلاق ، ولا يريد أن يقيدها بمورد وفعل خاص ، وهو مورد تأثير المشيئة الإلهية في مشيئة البشر ..
فهو يريد أن يقول : إن هذا التأثير مستند إلى صفة العليمية والحكيمية من حيث هي ، ولا يريد أن يقول : إن سبب التأثير هو وجود سنخية خاصة بين هذا المورد وبين هذه الصفات ، وليس ثمة ما يثبت وجود هذه السنخية في سائر الموارد ..
فإعادة لفظ الجلالة قد ألغى هذا الاحتمال الأخير ، ولفت النظر إلى وجود اقتضاء عام في هذه الصفات ، يجعلها قابلة للتأثير في مختلف الموارد.
ولو أنه أتى بالضمير ، فقال : «إنه كان عليما حكيما» ، فقد يوهم ذلك أن العليمية والحكيمية معا قد اقتضتهما ربوبيته تعالى .. مع أن الحقيقة هي أن العليمية من صفات ذاته ، ومن شؤون ألوهيته تعالى ..
أما الحكيمية فهي من شؤون ربوبيته سبحانه ..