وللشعور بأنها عن استحقاق بسبب تعب وجهد ؛ لذة أخرى .. ثم إن هناك أيضا لذة الكمال والشعور به ..
استطراد .. للتوضيح :
ونستطيع أن نستشهد على هذا الذي قلناه بما يلي :
ما ورد عنهم صلوات الله وسلامه عليهم : «تهادوا تحابوا فإن الهدية تذهب بالضغائن» (١).
إذ إن الذي يقدم الهدية ، هو الذي يحب من أخذ الهدية ، ولعله لأن المعطي إنما يبذل له ما حصله بجهده وعرقه ، أو ببذل ماء وجهه ، أي : أن جزءا من كيانه ، ووجوده قد تجسد بهذا النتاج. والإنسان يحب نفسه ، وكل متعلقاتها ، ويتعامل مع كل ما يعود إليها ، أو يرتبط بها ، بصورة أكثر حميمية ، وانجذابا ، من تعامله مع الأغيار.
وهذا يشير إلى أنه حين أمرنا الله تعالى بالبذل للآخرين ، فإنما أراد منا أن ننظر إليهم ، وأن نتعامل معهم على أنهم جزء من كياننا ومن وجودنا ، وما ذلك إلا لأن تعاملنا هذا سيغير الكثير الكثير من طبيعة حياتنا ، وعلاقاتنا ومواقفنا من بعضنا البعض.
أما من يأخذ الهدية ، فقد يكون في حرج وضيق ، حين يفكر بأن المعطي قد يمنّ عليه بما أعطاه ، ويذكّره به حتى بالسلام ، وفي البسمة واللفتة ، والنظرة ، وقد تذهب به أفكاره وخيالاته كل مذهب ، ليصل إلى حد أن يفكر بأن يبعده عنه ، ويتخلص منه ، ولو بالأسلوب السيء
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٧٢ ص ٤٤ وج ٧٤ ص ١٦٦.