رافعا له. بل ذلك من خصوصيات عالم الدنيا ، التي هي عالم النقص والفقدان.
بل اللذة في الجنة إنما هي بالشعور بالغنى بالله ، وبالكمال ، وبالواجدية الحقيقية ، وبحالات الجمال الواقعية ، الناشئة عن رؤية الانسجام والتناسق الواقعي بين الأشياء ، وبذلك يتحقق الرضا الواقعي. وليس للجهد الجسدي أي دور في هذا الشعور.
إن الفراغ ليس مملولا لأهل الجنة .. بل هو لذيذ لهم .. تماما كما هو الحال في الفراغ الذي يعيشه من يذهب للنزهة أو للاصطياف ، فإنه يبقى ساعات وأياما ؛ يتلذذ بالمناظر الجميلة الخلابة. وبما يراه من تناسق ، وكمال ، وجمال. ولا يشعر بوجود نقص يدفعه للعمل على رفعه وإزالته.
«لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً» :
والملاحظ : أنه تعالى قدّم كلمة «فيها» على قوله : «شمسا» ، كما قدمها في قوله : (فِيها عَلَى الْأَرائِكِ).
وقد عرفنا بعض ما ربما يمكن استفادته من هذا التقديم. فلا حاجة إلى الإعادة ..
غير أننا نشير هنا إلى أنه قد يقال : لقد كان يمكن الاستغناء هنا عن كلمة فيها. فلماذا آثر الإتيان بها ..
ويمكن أن يجاب : بأن حذف كلمة «فيها» يتضمن تغييبا وسكوتا عن ذكر الجنة ، ولو بضميرها. ولربما يغفل الإنسان ولو للحظة ، فيتوهم أن فقد الشمس ـ التي هي مصدر النور ، والدفء ، و.. و.. ـ سيؤثر على راحته وسعادته ، وسينقص منها ، وسيواجه الإحساس بالحاجة إليها ، فإذا جاء التصريح ، بصورة متتابعة ليذكره دائما بأنه موجود في الجنة ،