وتحصل استعدادات لتلقي هذا النوع من النعم ، أو ذاك ..
فأنت تلتذ بالشجرة التي غرسها لك تسبيحك ، والآخر يلتذ بالقصر الذي حصل عليه بحجّه إلى البيت الحرام ، أو بغير ذلك من أعماله ، وآخر يلتذ بالحورية التي أوصله إليها بره بوالديه ..
وفي مثال آخر نقول :
لو أن النجار دخل بيتا قد صنع هو أبوابه ، وخزائنه ، ومقاعده ، وغيرها ، فسيلتذ بما يراه من جمال الصنع فيها ، وسيشعر بالفخر والاعتزاز ، من خلال إحساسه بأنه هو الذي استطاع أن يرفع نقصا ، ويحقق كمالا ولو بنسبة معينة ، بالرغم من أنه قد أخذ أجره ، وانته من عمله قبل سنوات ..
وإذا رأى فيها خللا أو نقصا ، فسيحزنه ذلك ، وسيأسف له. ولو أنه عرف أن هناك من عبث بتلك الأشياء وشوّهها عن عمد ، فسوف يكون مستاء منه ، لائما له ، ناقما عليه ..
كما أن ذلك الشخص العابث نفسه ، لو دخل على ذلك البيت ، فسيشعر بالإحراج والخجل والضيق أمام ذلك النجار ، رغم أنه قد يكون فعل ذلك امتثالا لأمر سيده الذي حسب أن في هذا التخريب كمالا له ، أو دفع ضرر ، أو نقص عنه.
وبنفس هذه النظرة نعالج الإشكال المتقدم : فإن بذل الجهد ، والتعب ، وتحمل المسؤولية في الجنة ليس هو منشأ اللذة ، كما أن الفراغ ليس منشأ للملال ، والخمول ، والكسل. لأن الذي يجعل العمل لذيذا هو كونه مسبوقا بالتعب ، وبألم الحرمان والنقص. ولا نقص ، ولا فقدان ، ولا حرمان ، ولا آلام ، ولا تعب في الجنة ليكون العمل لذيذا من حيث كونه