والرضا ، والكرامة الربانية لهم.
الخطاب للأبرار :
وقد جرى الكلام ههنا بصورة الخطاب مع الأبرار ، فيقول : (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ..) بعد أن كان يتحدث عنهم بصيغة الغائب ، حيث كان يقول : (يُطافُ عَلَيْهِمْ .... وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ ..) الخ ..
«جزاء» :
وقد اعتبر الله تعالى عطاءه هذا للأبرار جزاء لهم ، ولعله بهدف توجيه الناس وتحريضهم على أن يعملوا بعمل الأبرار لينالوا ما نالوه.
وهذا يشير إلى أن هذا العطاء ، الذي هو على سبيل الجزاء ، قد لوحظ فيه حجم العمل ومزاياه وغاياته ، وليس عطاء تفضليا محضا .. فإن كان ثمة تفضل ، فإنما هو في تقدير الجزاء قبل تقريره ..
كما أن عدّ ذلك من قبيل الجزاء يثير لدى الأبرار شعورا بالكرامة والاعتزاز ، من حيث قبول الله سبحانه لأعمالهم ، ويعطي عملهم قيمة واقعية وحقيقية ، لأن الله هو المصدر الحقيقي لكل قيمة ، وجعل الجزاء بإزائه يستبطن ذلك ..
ثم إن للنعيم المصاحب للشعور بالاستحقاق ، لذته أيضا وأهميته .. فإن من يحصل على محبة الآخرين مثلا ، من دون استحقاق ، سوف ينتابه شعور بالضعف ، والضعة ، والذلة ، والاستكانة .. بخلاف ما لو نال ذلك الحب عن جدارة ، فإن ذلك سيثير فيه عزة ، وقوة ، وثبات شخصية ، وبهجة بهذه العزة ، وبذلك الثبات ..
كما أن الاستحقاق يعطي للحب أصالة ، وعمقا ، وبقاء ، وشعورا بالثبات ، بخلاف ما لو جاء على سبيل التحنن والتكرم ، فإنه لا يكون ثمة