قوله تعالى :
(نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً.)
«نَحْنُ خَلَقْناهُمْ» :
وبعد أن أشار الله سبحانه إلى أن الآثم والكفور يحاولان تعطيل مسيرة الهداية الإلهية ، وتحدث عن بعض حالاتهما ، وعن شخصيتهما غير المتوازنة ، وعن دواعيهما الشهوية والغريزية ، التي تؤثر عليهما في مختلف جهات السلوك. أعطى البرهان الصريح والصحيح على صحة ما ذكره سبحانه عن هذين الصنفين .. فقال : (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) ..
فخلق الله تعالى لهم دليل على معرفته بهم ، وبحقيقة ذواتهم ، وبدخائلهم ، وبكل شيء يرتبط بهم ، لأنه في موقع الهيمنة ، والمالكية ، والخالقية ، والإشراف ، والإمساك بكل ذرات وجودهم.
فهو إذن لا يخبرنا عن ظنون وحدسيات استفادها من تقييم ودراسة حركاتهم الظاهرية ، ومقارنتها مع بعضها البعض. كما نفعل نحن البشر ، حين نحكم على إنسان بالشجاعة ، أو بالكرم ، أو بالعدالة والتقوى ، استنادا إلى مجموعة تصرفات وحركات .. جعلتنا نحدس بوجود تلك الصفات فيه ، مع أنه لا شيء ينفي لنا احتمال أن يكون في الأمر خدعة أو رياء ، وقد يتهم الولد أباه بالقسوة والغلظة عليه ، والبغض له ، بسبب معاملة له تهدف إلى تربيته تربية صالحة .. ولا يعرف أن قلبه يفيض