فذكر أن الأبرار : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً* وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ..)
وأنهم يقولون لمن يطعمونهم : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) وأنهم «لا يريدون جزاء» ، وأنهم «لا يريدون شكورا» .. وأنهم «يشربون من كأس كان مزاجها كافورا» ، وأنهم «يفرجون العين التي يشربون بها تفجيرا» ..
وبعد أن ذكر هذه الأحوال للأبرار قابل ذلك بجزاء بيّن كثيرا من حالاته ، ومفرداته فكان هذا الجزاء «جنة ، وحريرا» ، (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) .. حيث قطوف الجنة دانية عليهم ، ومذللة لهم تذليلا .. (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) ، وبأكواب إلخ ..
لماذا لم يذكر الحور العين؟ :
وربما يرى البعض : أن الله سبحانه لم يذكر الحور العين في جملة مفردات نعيم الأبرار هنا إكراما للزهراء [عليها الصلاة والسّلام] .. لأن السورة نزلت في علي ، وفاطمة ، والحسنين [عليهمالسلام] ..
ونقول :
إنه ليس لدينا ما يمنع من أن يكون هذا التكريم مقصودا ، ولكن لا بد أن نضيف إلى ذلك :
أولا : لأن لهذه السورة الشريفة خصوصية تنفرد بها فيما يرتبط ببيان طبيعة الجزاء الذي أعده الله سبحانه للأبرار ، فإن عمدة ما أشارت إليه من مفردات هذا النعيم ، هو حالات من النعيم المعنوي ، واللذات التي يدركها الإنسان بمشاعره ، وفكره ، وعقله ، وروحه ، من حيث إنها تعبير عن مقام سام ، وعن تكريم وإجلال وتقدير ..
بل إنه حتى حينما تحدث تعالى عن أمور حسّيّة ، فإنما ساقها