وفقا لهذا النحو الأخير ، لأن فيه بيان حالهم ، من حيث إنهم : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ..)
«ودانية» :
ثم إنه يلاحظ هنا :
ألف ـ إنه تعالى قدم الحديث عن دنو الظلال على الحديث عن تذليل القطوف. وهذا أمر طبيعي ، فإن لذة الاستقرار والسكينة تطلب قبل لذة الطعام.
ب ـ إنه بدأ بكلمة «ودانية» ، ولم يبدأ بكلمة «ظلالها» ، ربما ليبقى المحور والمرتكز هو الأبرار أنفسهم ، حيث يراد أن يظهر لهم ولغيرهم : أنهم هم مورد العناية ، وأن كل شيء في الجنة إنما هو لأجلهم.
ولو أنه بدأ بالحديث عن الظلال لحدث ـ ولو على مستوى التخيل والشعور ـ إحساس بأن الظلال دانية هناك بطبيعتها ، وليس بالضرورة أن يكون ذلك لأجلهم ، فهي دانية بذاتها ، ثم يستفيد منها من يرغب بذلك ، مع أن المقصود هو أن دنو الظلال قد كان فعلا إلهيا تكريميا هم المقصودون به بأعيانهم وبأشخاصهم.
ج ـ وأما اختيار التعبير بكلمة «دانية» حيث لم يقل : وهم تحت ظلالها ، أو نحو ذلك ، فلعله ليشير إلى أن الظلال قريبة منهم ، وعليهم ، ولكنها ليست بحيث تفرض وجودها عليهم ، أو أنهم مستغرقون فيها إلى حد يجعلها جزءا من واقع حياتهم ، بل إن دنوها منهم وعليهم لا يضر باستقلاليتهم ، ولا في إمكانية الابتعاد عن هذه الظلال متى شاؤوا.
د ـ إن كلمة «دانية» اسم فاعل ، يفيد الثبوت والدوام ، وفعلية الاتصاف به.