الإنسان أن يتمرد ، وأن يسعى في إتلاف هذه الطاقات والقدرات ، أو إحداث الوهن والضعف في ذلك الأسر المشدود ، من خلال قطع علاقته بتلك الروابط ليصبح في مهب الريح .. ـ إذا أراد الإنسان ذلك ـ فإنه سوف لن يغير شيئا في واقع السياسة الإلهية في الخلق ، ولن يؤدي إلى الحرمان من شد الأسر. بل سوف يبقى ذلك رهنا بمشيئته سبحانه ..
أضف إلى ذلك : أن شد الأسر معناه : أن مجرد إفاضة الخلق على العباد ، ليس هو آخر صلة لله بعباده .. بل الصلة تبقى وتستمر من أجل شد الأسر الذي أشار الله تعالى إليه بقوله : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) ..
ثم تمتد هذه العلاقة وتزداد تجذرا ، وعمقا بامتداد الزمن ، وبمقدار ما يتعرض له الإنسان من نجاحات وانتكاسات ، فيما يرتبط بشد الأسر ، أو بإضعافه ..
وبذلك يكون سبحانه قد أفهم الكفور والآثم ، أنه بكفره وطغيانه لا يقدر على قطع علاقته بالله ، ولا يستطيع أن يضعف هيمنة الله عليه ، وأن يبطل مالكيته له. فهو دائما في قبضته ، وهو مقهور لإرادته.
وخروج العبد عن زي العبودية لا يعني أن ثمة تفوقا وغلبة لإرادة العبد على الله ، بل هو يعني : أن الله سبحانه يعامله بما أخذه على نفسه ، فيما يرتبط بمعاملة المسرفين والجاحدين ..
الأسر الإلهي :
وغني عن البيان : أن أسر الله للإنسان يختلف عن أسر الناس لبعضهم بعضا ، فإن أسر الناس لبعضهم معناه أن الآسر يقهر إرادة المأسور فقط ، بهدف منعه عن ممارسة حريته ، وسلب اختياره .. ولكن أسر الله للناس داخل في أصل تكوينهم ، وفي واقع خلقهم وخلقتهم ، ثم