والهدف يحتاج إلى هداية إليه ، ثم إلى إلزام وتكليف بالوصول إليه. كما قال تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) ..
وذلك يحتاج إلى أنبياء ورسل وأدلاء ..
ثم يأتي دور اختيار الاستجابة ، أو اختيار التمرد ، الذي يستتبع حسابا ، وثوابا ، وعقابا ، ويفرض بعثا ، ونشورا .. إلى كثير من الأمور التي يدركها العقل ، أو تقتضيها الفطرة ، والوجدان ، والتدبير ، وغير ذلك.
ومن الواضح : أن أحكام العقل والفطرة والوجدان لا تحتاج إلى أكثر من التذكير بها والتوجيه نحوها.
وهذا ما حصل فعلا هنا .. فإنه تعالى لم يورد ذلك كله كجزاء لا يعرف الإنسان عن حقيقته شيئا ، ويجد نفسه في فسحة من أمر التصديق والالتزام به .. بل أورد له حقائق ونبهه إلى أمور يجدها حاضرة لديه ، يحكم بها عقله ، وقائمة في عمق وجدانه وفطرته ..
وحين يكون هناك شيء يراد حفظه ، وغاية يراد الوصول إليها ، فإن الحكيم يتوسل بما يحفظ له تلك الغاية من الضياع ، فتأتي التذكرة هنا لحفظ الهدف الإلهي من الضياع ، بالدلالة على مناشئه ، وحالاته ، والمؤثرات فيه ، والمؤشرات له ، والهدايات إليه بواسطة الأنبياء ، وغير ذلك من أسباب حفظ الهدف الكبير والأهم والأعظم ، الذي أشار إليه قوله تعالى هنا :
«فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً» :
فقد دل هذا التعبير على أن المقصود من كل هذه البيانات ـ من أول السورة إلى هنا ـ هو أن يتخذ الإنسان السبيل إلى الله سبحانه ..
ولتوضيح بعض ما ألمحت إليه هذه الآية الشريفة ، نقول :