البواعث والحوافز لدى الإنسان لنيل تلك النعم الجليلة ، والوصول إلى مقامات الكرامة في الجنة ، ليتعلق بها ويشتاق إليها طالبها ، وتتوجه إليها أفكاره وعواطفه فعلا ..
وهذا يحتاج إلى التصريح ، وإلى الوضوح .. أما الإشارة غير المباشرة فإنها تحمل معها احتمالات الغفلة عن التفاعل معها ، الأمر الذي يعني الغفلة عن المراد ، فلا بد من تحاشيها في مقام كهذا ..
ثالثا : إن الإيصال السريع إلى المراد ـ لأكثر من سبب ـ لا يتلاءم مع الإشارة والإيماء حيث يحتاج ذلك إلى إعطاء فرصة للعقل لربط الأمور ببعضها البعض .. في الوقت التي يحتاج فيه إلى الانتقال المباشر ..
وهذا يدلنا على : أن كلمة «من» مهمة جدا وضرورية في هذا المقام .. الذي يحتاج إلى التأكيد والتنصيص ، وإزالة أية شبهة. ليمكن إثارة الأحاسيس والمشاعر بصورة مباشرة ، وكذلك من أجل تحقيق المزيد من التعلق بالمطلوب ، وليكون وقعه في النفس أشد ..
كلمة «كانت» :
وحول كلمة «كانت» في قوله تعالى : (كانَتْ قَوارِيرَا ..) نقول : هي كان التامة ، لا الناقصة ، والمعنى : «أنها وجدت قوارير» ، فليس ثمة تحول من حالة إلى حالة ، لكي لا يتوهم أحد أنه تحول غير خالص ولكي لا يثير احتمالات في واقع أصالتها التامة والحقيقية ..
«من فضّة» :
وأما لماذا ذكر الفضة بالخصوص ، ولم يذكر الذهب مثلا ، مع أنه الأغلى والأهم بنظر الناس. فلعله لما ذكرناه من أن تراب الجنة من فضة ، وللفضة خصوصيات ، لا توجد في الذهب ، وقد قصد هنا أن يستفيد من