فلربما توهم البعض هذا الاختصاص.
الاقتصار على العاجلة :
وقد يسأل سائل : عن السبب في الاقتصار على ذكر حبهم للعاجلة ، حيث لم يصف العاجلة بأي وصف آخر ، ولا جعلها وصفا لشيء محدد ، فلم يقل : يحبون الفائدة ، أو المصلحة أو المنفعة العاجلة ، أو نحو ذلك.
والجواب : أنه تعالى لا يريد أن يسجل أي اعتراف بوجود أي نفع ، أو أي حسن ، أو صلاحية في تلك الأمور التي يحبونها ، فكان أن اقتصر على صفة العاجلة .. التي قد تفيد أيضا : تسرّعهم ، وعدم التفكير بالعواقب .. وذلك يحمل في طياته أخطارا حقيقية لهم ، فلعل ما أحبوه من العاجلة كان سما قاتلا لهم. لما فيه من المفسدة العظيمة ، فإن الربا مثلا فيه ـ بنظر هؤلاء ـ منفعة عاجلة ، واستفادة أموال .. ولكنه يسحت البركة ، والدين ، وكل شيء ، كما أن الشراب المحرم أيضا قد ينتهي بالإنسان إلى أوخم العواقب ..
وذلك كله يفيد : أنه تعالى حين اكتفى بكلمة العاجلة ، فإنما أراد أن لا يفسح المجال لأي توهم لأية درجة من الصوابية في اختيارهم هذا .. بل هو تخطئة تامة وشاملة.
وبذلك يسد باب الترجيح ، ولو من خلال التعبير الذي تميل إليه النفوس ، بدوافع شهوية ، أو غرائزية .. وبذلك يكون قد تم التحاشي حتى عن الإيحاء بما يوافق الهوى ..
كما أنه يستبطن درجة من التنفير عن هذا الحال المتناهي في السوء. وذلك لما يتضمنه من الإيحاء بالخطورة الناشئة عن الاندفاع الغرائزي أو الشهوي ، أو نحو ذلك ، بسبب ما تحمله العاقبة من مفاجآت