جعل الله الثياب التي تعلو أولئك الأبرار خضرا ، لأنه يريد أن يبعث البهجة في نفوس الناظرين إلى الأبرار ، ويسرهم بذلك .. كما أن الخضرة هي لون الربيع في شبابه ، فهي تشير إلى الرواء ، وإلى الانتعاش ، وإلى الطراوة ، وإلى تدفق الحيوية ..
ولكنه لم يصف الإستبرق بالخضرة ، لأن المطلوب هو تنويع الألوان واختلافها في المحيط الذي يكون فيه الأبرار ، لكي تتنوع تأثيراتها على المشاعر ، وتتنوع الانفعالات ، الأمر الذي يثير جوا من الحيوية والنشاط ، والأنس بجديد ما يقع عليه النظر في كل آن ..
«وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ» :
١ ـ ويأتي بعد ذلك كله الحديث عن التزين بالأساور ، فقال : «وحلّوا» .. بصيغة الفعل الماضي ، ليفيد تأكد الحصول والوقوع ، إلى درجة أنه أصبح يصح الإخبار عن حصوله خارجا ..
كما أن نفس التعبير بصيغة الفعل ، فيه إشارة إلى أن هذا الأمر لم يكن ثم كان ، من خلال نشوء إرادة إكرامهم به ، ولو أنه كان موجودا ، فإن ذلك لا يشير إلى إرادة الإكرام هذه ..
٢ ـ وقد يسأل سائل عن السبب في اختيار التعبير ب «حلّوا». حيث لم يقل : ألبسوا ، أو زيّنوا؟!
والجواب :
أن الحديث إنما هو عن النواحي الجمالية التي تحتاج إلى فعل يظهرها. ولو من خلال الهيئة التركيبية لعناصر ليس لها في ذاتها أية حالة جمالية ، ولكنها إذا جمعت بطريقة معينة ، فإنها تعطي الإيحاء بالمعاني ، أو تصنع من خلال ذلك مزايا تثير الرغبة في تلمسها ..