قال تعالى :
(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ).
«متّكئين» :
ثم شرع سبحانه بذكر تفاصيل مفردات النعيم الإدراكي والمعنوي ، الروحي ، والشعوري ، فبدأ أولا بذكر صفة الاتكاء في الجنة للأبرار ، دون ما سواها من الصفات ، ولعل سبب ذلك : أن الاتكاء هو نتيجة الشعور بالكمال وبالغنى. وهو أول مراتب النعيم ، وهو مفتاح كل لذة في الجنة كما سنرى.
والتنعم بالاتكاء يحتاج إلى التفات ، وترجيح لفعل على سواه ، ثم إلى اختيار وإرادة ، وحركة وفعل ، وأريكة ، وجلوس عليها. وهو ـ كما قلنا ـ يشير إلى العديد من الخصوصيات ، من قبيل : الشعور بالسكينة ، وفراغ البال ، وسكون الخاطر ، والرضا الناشئ عن وصول الإنسان إلى كماله ، وإلى القوة بعد الضعف ، وإلى الغنى بعد الحاجة ، وإلى الواجدية بعد الفاقدية.
إنها جلسة الآمن المطمئن ، الذي لا يحذر شيئا ، إذ لم يعد هناك مجهول .. وليس هناك ما يخاف منه ، ولم تعد هناك أية حالة ترقب ، فقد أصبح الآن في منازل الكرامة الإلهية ، وحقق الاتصال بمصدر القوة ، ومحل الفيوضات.
هذا كله بالإضافة إلى أن في ذلك تعبيرا عن الاعتزاز والغنى ،