وكما أن للمكان والزمان تأثيرهما في الغايات من التشريع ، فإن لهما قد استهما أيضا ، فالكعبة مقدّسة ومباركة ، والحجر الأسود مقدّس ومبارك ، وللمسجد حرمته.
وقد جعل للصلاة في المسجد قيمة ، وللصلاة في المسجد الحرام ، عند الكعبة قيمة ، وحدد للطواف مكانا لا يصحّ في غيره ، وحدد أيضا للسعي والرجم ، والوقوف أماكن خاصة بهم ، بل هو قد تدخّل في عدد الحصيّات التي ترمى بها الجمار ، وطلب أيضا .. أن تؤخذ من مكان بعينه.
٢ ـ ما المراد بالبكرة والأصيل؟ :
قد يقال : إن الهدف من ذكر البكرة والأصيل في هذه الآية المباركة هو الحثّ على الصلاة في الأوقات الخمس ، لوقوعها جميعا في وقتي : البكرة والأصيل ..
ونقول :
أولا : إنهم يقولون : إن المقصود بالأصيل العصر ، أو ما بعد العصر ، وبالبكور الصباح ..
وهذا معناه : أن أوقات الصلوات الخمس لا يصحّ إرادتها هنا ، لأن الظهر ليس من الصباح ، ولا من العصر ، كما أن العشاء الآخرة ليست منهما ، بل وكذلك صلاة المغرب ، لأن الأصيل هو حيث تميل الشمس ميلا ظاهرا إلى جهة الغرب ، فلا بدّ فيه من وجود الشمس ظاهرة في الأفق ، وصلاة المغرب إنما تكون بعد غيابها.
إلا أن يقال : إن المغرب والعشاء قد أشير إليهما في الآية التالية ، وهي قوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ).
فلو سلمنا ذلك ، ولم نقل : إن المراد هو صلاة الليل ، فإننا نقول : يبقى