لأنهم إنما خلقوا ليسعد الأبرار بوجودهم ، وليس لهم دور في صنع الجنة ..
فالأبرار هم الذين لهم دور في هذا التقدير ، وذلك لأن عملهم للصالحات في الدنيا ينتج لهم حالات من النعيم تناسب ذلك العمل ، وتحمل مواصفاته ، وصفاءه ، وخلوصه ، وجهاته ، وميزاته ..
ولذلك اختلفت عليها المثوبات من حيث الكم ، والنوع ، والمواصفات ، حيث تجد في النصوص أن لكل عمل جزاءه المناسب له. فهذا ثوابه قصر ، وذاك ثوابه حور عين ، وذلك ثوابه تكون حدائق وأعنابا ، وهكذا .. وهذا العمل يوصل إلى مقام كذا .. لكن عملا آخر يوصل إلى مقام آخر.
وإذا كانت جارحة بعينها هي التي أنجزت عملا ما ، ـ كالعين حين تغض عن محارم الله ـ فإن الثواب سيكون متناسبا مع ما يتطلبه عمل تلك الجارحة ، ومع مستوى ما بذلته من جهد ، وغير ذلك من حالات ..
التقدير :
وبديهي : أنه لا بد في تقدير الأمور من الاستناد إلى معيار يفرض هذا المقدار أو ذاك ، ولا يكون الأمر عشوائيا .. فمن أراد بناء غرفة ، فإن سعتها سوف يفرضها غرض ما. وهذه السعة تفرض مستوى ارتفاع تلك الغرفة ، ونظام التهوئة الذي يعتمد فيها ، وكميات النور التي تحتاج إليها ، ثم مراعاة ذلك في فتحاتها ، وسعة الباب وارتفاعه ، وما إلى ذلك ..
وحين يزرع الفلاح الحب ، فإن الله هو الذي ينبته ، لكن وفق نظام يراعي فيه الزارع كمية البذر ، وكمية المياه في الري ، وطبيعة التربة ، وموقعها في الأماكن الحارة أو الباردة ، في المرتفعات أو المنخفضات ،